لعيش في سلام يتضمن التعود على الآخر وليس الاندماج معه
الحوار: تحقيق التوازن في التأثيرات الثقافية!
كوام أبياه وهنري جيتس - - 29/01/1427هـ
يقدم الكتاب رؤية عالمية واقعية تركز على أهمية الطبيعة الإنسانية التي يتشارك فيها جميع البشر على وجه الأرض والتي تجمع البشر جميعا وتقرب بينهم.
يعد الكتاب بيانا أخلاقيا يناشد الغرب بإعادة النظر في العالم الذي صار مقسما بين الغرب في ناحية وباقي الدول في الناحية الأخرى. اعتاد الناس الوضع العالمي الحالي في فترة ما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) والتي نتج عنها عالم متشتت بين مجموعات مختلفة من المذاهب والثقافات، حيث يبدو أن الجنس البشري انقسم إلى مجموعات متصارعة بسبب الفوضى وسوء الفهم.
يتحدى هذا الكتاب الجديد المذاهب الانفصالية التي وردت في العديد من الكتب مثل كتاب (صراع الحضارات) لصامويل هانتنجتون، ويعيد إحياء فلسفة التحرر من النزعة الإقليمية، وهي مدرسة فكرية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد. يدعو الكتاب إلى وحدة العالم متحديا سنوات من انتشار الدعوة إلى الانفصال بين الغرب والشرق.
يتتبع الكتاب تأثير هذه الفلسفة على الموروثات الأخلاقية لحركة التنوير والثورة الفرنسية والإعلان العالمي للأمم المتحدة المتعلق بحقوق الإنسان. وهكذا يوضح الكتاب كيف أن المفكرين والقراء الغربيين على اختلاف انتماءاتهم اليسارية أو اليمينية قد قاموا بالتهويل والمبالغة في قوة الاختلافات الثقافية بين الناس وتجاهلوا القوى التي تجمع بينهم.
صار العالم أكثر ترابطا عن ذي قبل بفضل وسائل الاتصالات التكنولوجية المتطورة وكنتيجة مباشرة للعولمة، إلا أن المسؤوليات والواجبات التي يفترض أن نلتزم بها جميعا ما زالت قيد المناقشة.
يستعرض الكتاب تقييما لكل من وجهتي النظر: الأولى المتعلقة بصراع الحضارات وما يناقضها من نظرية النسبية الثقافية، ويعتبر الكتاب أن كلتيهما مضللة إلى حد ما، بينما يقدم الكتاب وجهة نظر جديدة تتضمن التبادل المبتكر للثقافات والمحاولات الجادة لعبور الفجوات الناتجة عن الاختلافات الثقافية.
يؤكد أبياه أن تحقيق التوازن في التأثيرات الثقافية يكون من خلال "الحوار" والتي يقصد بها الكاتب المعنى الحرفي والمجازي لها ليشير إلى أعماق المواجهات بين الشعوب والديانات وباقي أنواع الهويات المختلفة.
في الوقت نفسه يؤكد الكتاب أن الحوار لا يتحتم أن ينتج عنه الاتفاق في الآراء، لأن العيش في سلام معا يتضمن التعود على الآخر وليس الاندماج معه.
يسوق الكاتب الكثير من الأمثلة من واقع حياته وسط عائلته المتعددة الثقافات وكذلك من خبراته الشخصية ليشد بها انتباه القارئ إلى الافتراضات المسبقة المغلوطة التي يعتقدها الكثير من الناس عن الهوية والاختلاف والأخلاق.
يتحدى الكتاب النظريات السائدة التي صار الكثيرون يؤمنون بها اليوم في الغرب، خاصة في فترة ما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، والتي يركز معظمها على الانفصال والصراع بين الحضارات والثقافات. يقدم الكتاب في مقابل هذه النظريات رؤية عالمية واقعية تركز على أهمية الطبيعة الإنسانية التي يتشارك فيها جميع البشر على وجه الأرض والتي تجمع البشر جميعا وتقرب بينهم.