اليوم الأوروبي للغات ... التعددية اللغوية إثراء للثقافة والفكر
التعددية اللغوية إثراء للفكر
يسلط الاحتفال باليوم الأوروبي للغات الضوء على أهمية تشجيع تعلم اللغات الأجنبية لتوطيد التواصل بين مختلف شعوب الاتحاد الأوروبي. خبراء يحذرون من اعتماد لغة مشتركة للتواصل ويقولون إن ذلك قد يؤدي إلى إفقار الثقافة الأوروبية.
يحتفل الاتحاد الأوروبي يوم 26 ديسمبر/أيلول باليوم الأوروبي للغات. ويعد هذا الاحتفال فرصة لبلورة الوعي بمسؤولية الحفاظ على التعددية اللغوية التي تساهم في إثراء الفكر والثقافة الأوروبيتين. كما تعد الفعالية مناسبة لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي لتعزيز التواصل بين مختلف شعوبه رغم الاختلافات اللغوية، إذ يوجد حاليا في الاتحاد الأوروبي 23 لغة رسمية و60 لغة إقليمية، الأمر الذي يجعل تعلم اللغات الأجنبية أمرا مهما.
وبدأ الاحتفال السنوي باليوم الأوروبي للغات، حسب المفوض الأوروبي لشؤون التعددية اللغوية ليونارد أوربان عقب اتفاق رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في عام 2002 على ضرورة تشجيع تعلم اللغات الأجنبية لتسهيل التواصل بين مواطني دول الاتحاد الأوروبي ضمن مبادرة طموحة تهدف إلى تحفيز المواطنين الأوروبيين على تعلم لغة أجنبية أو أكثر.
دعم التعددية اللغوية
ويشير الواقع إلى أن نصف الأطفال والشباب فقط يدرس لغتين أجنبيتين داخل مدارس دول الاتحاد الأوروبي ومعظمهم يتعلم اللغة الإنجليزية إلى جانب لغته الأم. وفي محاولاتها لإقرار لغة أوروبية مشتركة تكون لغة التواصل الأولى، فشلت الدول 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حتى الآن في التوصل إلى تسوية تلاقى قبول كافة الأطراف نظرا لارتباط اللغة بشكل وثيق بالهوية الوطنية. وعليه فإن النقاش حول هذا الموضوع يفرز حساسيات سياسية يجب التعامل معها بحذر لأن اللغة يمكن أن تتحول من جسر يربط الشعوب إلى أداة للتفرقة بينها. المفوض الأوروبي لشؤون التعددية اللغوية في الاتحاد الأوروبي أوربان والذي يتحدث إلى جانب لغته الأم الرومانية أيضا الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، أكد من جانبه على رفضه مبدأ اللغة الواحدة، مشيرا إلى أنه يدعم جميع اللغات التي يتم تحدثها داخل دول الاتحاد الأوروبي وأنه لا يتم تفضيل لغة على أخرى كي تكون اللغة الأجنبية الأولى أو أن تكون لغة التواصل المشتركة.
دعم التعددية اللغوية في أوروبا مكلفة
تعلم اللغات الأجنبية مهم لدعم التواصل بين الشعوب الأوروبية ويعد دعم التعددية اللغوية داخل الاتحاد الأوروبي أمرا مكلفا جدا. فالمفوضية الأوروبية تتبنى من أجل الحفاظ على تلك التعددية دعم وتمويل مجموعة من البرامج التعليمية المرتبطة بتعليم اللغات الأجنبية وتشمل دروسا لتلقين اللغات الأجنبية في وسائل النقل العام وبرامج مسرحية للأطفال الصغار الذين لم يبلغوا السن الدراسي، بالإضافة إلى دروس تعليم اللغات الأجنبية عبر برامج إذاعية تشارك فيها أيضا مؤسسة دويتشه فيله الألمانية.
ولعل وجود لغة واحدة للتواصل داخل الاتحاد الأوروبي بإمكانه أن يحل العديد من المشاكل ويوفر أموالا ضخمة لكن ذلك سيؤدي إلى إفقار الثقافة، حسب أوباران. ويكلف ذلك المفوضية الأوروبية نحو 1.5 مليار يورو سنويا تنفقها على خدمات واسعة في مجال الترجمة والترجمة الفورية. فالاتحاد الأوروبي ملزم بترجمة جميع لغات الاتحاد على حد اعتبار أوبران، لأن لكل مواطن أوروبي يحق له الحصول على معلومات بلغته الأم علما أن نصف مواطني الاتحاد الأوروبي فقط يتحدثون في الوقت الراهن لغة أجنبية.
وعلى صعيد آخر، ذكر مسئولون بالاتحاد الأوروبي أن خبراء الاتحاد يستعدون إلى الدعوة إلى دعم تعلم اللغات الكبرى كالعربية والصينية والهندية لزيادة القدرة التنافسية العالمية لدول الاتحاد. ويأتي ذلك في وقت دعا فيه الخبراء إلى إضفاء المزيد من التسلية والمتعة على تعلم اللغات لزيادة حماس الأوروبيين لتعلم اللغات الأجنبية. فتعلم اللغات ينبغي أن يصبح نشاطا لملء أوقات الفراغ كالرياضة، فضلا عن أنه ينبغي تقديمه بأسلوب ممتع في البرامج التليفزيونية.