وفق نتائج المسح الصحي العالمي الذي أجري في الكويت وأعلنته إدارة المعلومات الصحية بوزارة الصحة في هذا العام 2011م والذي أظهر أن أكثر الأمراض المزمنة انتشارا في البلاد هي أمراض المفاصل (الروماتيزم) فيما نسبته 16.2% من عينة المسح الميداني الذي أجري على فئات مختلفة في المجتمع الكويتي. هذه النسبة تنسجم مع تقدير الإحصائيات العالمية والتي تشير إلى أن نحو 30% من مجموع سكان أي بلد في العالم يعانون من أمراض أو آلام روماتيزمية (عضلية، مفصلية، عظمية، وترية) يتمثل أغلبها في التهابات المفاصل بالإضافة إلى آلام الظهر لاسيما أسفله والتي ترفع النسبة إلى الثلث.
ومن أجل التعريف بهذه النوعية من الأمراض تقام سنويا محليا وعالميا فعاليات تطوعية من قبل الاخصائيين للتوعية والإرشاد للمرضى والجمهور في الثاني عشر من شهر أكتوبر من كل عام، ولا بأس في هذه المناسبة التي تصادف ذكراها اليوم من أن نعيد التذكير بأنواع تلك الأمراض ذات السمات المناعية الروماتيزمية. فنذكر منها أمراض الأنسجة الضامة الجهازية مثل مرض الذئبة المناعي ـ اللوبس ـ، والتهابات الأوعية الدموية المناعية، واعتلال الفقرات السلبي، والتهابات المفاصل الرثوية مثل مرض الروماتويد، والتهابات المفاصل التفاعلية أو المعوية والتصلب الجلدي المناعي. تتميز هذه النوعية بطبيعتها المزمنة وأعراضها المتنوعة ومضاعفاتها المزعجة لضحاياها، حيث يعيش الجسم عند الإصابة بتلك النوعية من الأمراض الروماتيزمية في حالة وأجواء من الثورة والفتنة الداخلية تقودها خلايا من فصائل متعددة من كتائب الحرس اللنفاوي يرمز لبعضها بخلايا «ت» وأخرى بخلايا «ب» من عناصر حزب الجهاز المناعي التي فقدت خاصية التعرف على الهوية الذاتية فتقوم تلك الخلايا بإطلاق مضادات مستهدفة مكونات خلايا وأنسجة وأعضاء الجسم نفسه (نيران صديقة) مخلفة وراءها أضرارا لمراكز عضوية هامة ومسببة الأعطال في أجهزة الجسم الحيوية. لذا كان من الأهمية بمكان تحصين الجمهور (الجبهة الداخلية) بالمعلومات عن تلك الأمراض من أجل تشخيصها مبكرا والبدء بقمع تلك الفتن والثورة الداخلية قبل أن تستفحل في جسد المرضى من قبل الطبيب المتخصص، وتتنوع ترسانة الأسلحة المتاحة للاخصائيين بدءا بمشتقات الكورتيزون لإخماد الالتهابات الحادة مرورا بمشتقات المثبطات المناعية الدوائية وذلك حسب طبيعة المضاعفات العضوية وشدتها، ووصولا لاستعمال جيل حديث من الأدوية الجزيئية البيولوجية للتعامل مع بعض الأنواع أو المضاعفات التي لا تستجيب للأدوية المناعية التقليدية.
ومما يدعو للتفاؤل هو ما تشهده الأوساط العلمية والطبية سنويا من نشر لاكتشافات جديدة في مجال الأسباب الجينية والبيئية لتلك الأمراض والإفصاح عن وسائل متطورة للتشخيص مخبريا وتصويريا ونسيجيا، تساهم في الكشف عن أسرار تلك الثورات الذاتية المناعية وتفكك رموز تلك الفتن الداخلية المرضية، الأمر الذي يجدد الأمل عند الكثيرين بحتمية الانتصار في يوم ما، على تلك الأمراض، بمشيئة الله تعالى. مع خالص الدعاء لجميع مرضانا بالشفاء ودوام الصحة.