حكمة ملك الصين:
أرسل (يزدجرد) كسرى الفرس إلى ملك الصين، يطلب منه العون والنجدة بعد هزيمته في معركة (نهاوند)؛ فقال ملك الصين لرسول كسرى: قد عرفتُ أن حقّاً على الملوك إنجاد الملوك على من غلبهم، فصِفْ لي صفة هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم؛ فقال رسول يزدجرد: سلني عمَّا أحببت.
ملك الصين: أيوفون بالعهد؟
رسول يزدجرد: نعم.
ملك الصين: وما يقولون لكم قبل أن يقاتلوكم؟
رسول يزدجرد: يدعوننا إلى واحدة من ثلاث: إمّا دينهم، فإن أجبناهم أجرونا مجراهم، أو الجزية والمَنَعة، أو المنابذة.
ملك الصين: فكيف طاعتهم أمراءهم؟
رسول يزدجرد: أطوع قوم لمرشدهم.
ملك الصين: فما يُحلُّون وما يُحرِّمون؟ .. ويخبره رسول يزدجرد.
ملك الصين: أيحرِّمون ما حلَّل لهم، أو يحلون ما حرَّم عليهم؟
رسول يزدجرد: لا.
ملك الصين: فإن هؤلاء القوم لا يهلكون أبداً حتى يحلُّوا حرامهم، ويحرّموا حلالهم.
ثم كتب ملك الصين كتاباً إلى يزدجرد، جاء فيه: "إنه لم يمنعني أن أبعث إليك بجيش أوَّله بمَرْو وآخره بالصين الجهالة بما يحقُّ عليَّ، ولكنَّ هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولك صفتهم لو يطاولون الجبال لهدُّوها، ولو خُليَّ سربهم أزالوني، ماداموا على ما وصف، فسالِمْهم، وارضَ منهم بالمساكنة، ولا تهيِّجهم ما لم يهيِّجوك .
هذه هي حكمة ملك الصين: "إن هؤلاء القوم لا يهلكون أبداً حتى يُحلّوا حرامهم، ويُحَرّموا حلالهم"..
إن الهزائم تبدأ من هنا .. من داخل الأمة، وليس من خارجها، وهذه الحكمة جديرةٌ بأن نضعها نصب أعيننا ونحن نقرأ الماضي، ونبصر الحاضر، حتى نقدر على القراءة الصحيحة لمستقبلنا.
المسجد الأقصى
قبة الصخرة التي يظنها البعض المسجد الأقصى