سعى أطراف أوروبية إلى الضغط بطرق مختلفة على الجزائر لحملها على إعادة النظر في أسعار الغاز. معللة ذلك بتراجع الأسعار في الأسواق الحرة ''سبوت'' التي تلجأ إليها الدول المصدّرة على رأسها قطر وروسيا، بينما تظل الجزائر متمسكة بالعقود الطويلة الأجل وبمبدأ ''خذ وادفع'' بفارق أسعار بين الصيغتين.
في الوقت الذي طالبت فيه ''غاز فرنسا ''بدعم من حكومة جون مارك أيرو علانية بمراجعة الأسعار مع الجزائر، دخلت الشركة الإيطالية ''إيديسون'' في نزاع قضائي على مستوى المركز الدولي للمنازعات المتعلق بالاستثمار في واشنطن، فيما لا تزال العلاقة غير مستقرة مع الشركات الإسبانية رغم تسوية الخلاف وديا. وفي المحصّلة تضل قضية الأسعار تطرح بحدة في المفاوضات بين الجزائر ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة مع بروز فاعلين جدد وطرح روسيا لجزء من صادراتها في السوق الحرة القصيرة الأجل بأسعار أقل بكثير عن مستوى الأسعار التي تعتمدها الدول في العقود الطويلة الأجل، حيث يقدر معدل الأسعار في العقود الطويلة الأجل بـ 7 إلى 8 دولار لمليون وحدة حرارية مقابل 3 و5, 4 دولار للأسواق الحرة ''سبوت''. ومنذ تسجيل تراجع في الأسعار في 2009 بدأت البلدان الأوروبية تمارس ضغوطا لحمل البلدان المصدّرة، من بينها الجزائر على مراجعة أسعارها وإدراج متغيّر السوق الحرة في بنود العقود الطويلة الأجل وهو ما لا تستسيغه الجزائر، خاصة وأن مثل هذا الإجراء يعني انخفاضا معتبرا لإيرادات البلاد. علما بأن صادرات الغاز تمثل 40 بالمائة من إجمالي إيراداتها من المحروقات. فالدول الأوروبية التي كانت تنظر للعقود الطويلة الأجل بأنها عامل استقرار وضمان لتأمين الإمدادات الغازية، أضحت بفعل الأزمة تعتبرها عبئا على ميزانياتها. كما ترغب هذه البلدان، على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية ومع روسيا البيضاء التي أدت إلى انقطاع الإمدادات في عز الشتاء، في تنويع مصادر التموين.
وعليه، فإن أوروبا تتزود إلى جانب النرويج من روسيا والجزائر وقطر التي دخلت بقوة في السوق الأوروبي وساهمت في تآكل الحصة الجزائرية التي كانت تقدر بـ 12 بالمائة وتدنت إلى 10 بالمائة مقابل ارتفاع حصة قطر من 6 بالمائة إلى 8 بالمائة. ويعتبر ظهور الغاز الحجري وفقدان السوق الأمريكي عامل ضغط إضافي للغاز الجزائري، موازاة مع ارتفاع الطلب المحلي في الجزائر وتراجع الصادرات من 63 مليار متر مكعب سنويا إلى أقل من 55 مليار متر مكعب سنويا.