َتَجَمَّلُ الأَرْوَاحُ بِالطُّهْرِ
وَتَفُوزُ مِنْهُ بِنَفْحَةٍ تَسْرِي
فِي لَحْظَةٍ تَتَبَدَّلُ الدُّنْيَا
إِنْ هَلَّ نُورُ الكَوْكَبِ الدُّرِّي
أَهْلُ التُّقُى تَعْلُو مَنَازِلُهُمْ
وَيَلِينُ قَلْبٌ قُدَّ مِنْ صَخْرِ
وَكَأَنَّنَا بِالكَوْنِ يُعْلِنُهَا
أَنْعِمْ بِشَهْرِ الصَّوْمِ مِنْ شَهْرِ
♦ ♦ ♦
رَمَضَانُ فِيكَ هَوَاطِلُ الخَيْرِ
مَقْدُورَةٌ مِنْ بَادِئِ الأَمْرِ
وَهِلالُكَ المَيْمُونُ طَلْعَتُهُ
كَالغَيْثِ إِذْ يَهْمِي عَلَى القَفْرِ
يَا حَادِيَ الأَرْوَاحِ، بِي شَغَفٌ
لِمَرَاتِعِ الإِحْسَانِ وَالبِرِّ
نَيْلُ التُّقَى حُلْمٌ يُرَاوِدُنَا
وَنَهِيمُ بِالتَّسْبِيحِ وَالذِّكْرِ
وَمَسَاجِدُ الرَّحْمَنِ عَامِرَةٌ
كَالرَّوْضِ عِنْدَ مَوَاسِمِ الزَّهْرِ
وَجْهُ المَآذِنِ صِيغَ مِنْ أَلَقٍ
وَتَزَيَّنَ المِحْرَابُ بِالبِشْرِ
وَتَلأْلأَ المِصْبَاحُ مُبْتَهِجًا
وَعَلَى البِسَاطِ فَرَائِدُ الدُّرِّ
تَتَمَاوَجُ الأَنْغَامُ عَاطِرَةً
حَدِّثْ بِلا حَرَجٍ عَنِ السِّحْرِ
فَدَوِيُّهَا لِقُلُوبِنَا طَرَبٌ
وَأَرِيجُهَا أَسْمَى مِنَ العِطْرِ
مَا أَجْمَلَ الإِنْسَانَ حِلْيَتُهُ
تَاجٌ مِنَ الإِيمَانِ وَالصَّبْرِ
♦ ♦ ♦
يَا رَايَةَ الإِسْلامِ عَالِيَةً
مِنْ لَحْظَةِ الفُرْقَانِ فِي بَدْرِ
حَيْثُ الرَّسُولُ وَحَوْلَهُ نَفَرٌ
يَخْشَوْنَ بَأْسَ جَحَافِلِ الكُفْرِ
هُمْ قِلَّةٌ إِنْ رُحْتَ تَحْصُرُهُمْ
زَادَ الأَسَى وَالكَرْبُ بِالحَصْرِ
وَعَتَادُهُمْ مَا كَانَ يُسْعِفُهُمْ
لَوْلا العَقِيدَةُ مَنْبَعُ السِّرِّ
رَفَعُوا إِلَى اللَّهِ اسْتِغَاثَتَهُمْ
رَكَنُوا إِلَى التَّكْبِيرِ لا الكِبْرِ
وَدَعَا الرَّسُولُ دُعَاءَ مُنْكَسِرٍ
يَا رَبَّنَا، يَا جَابِرَ الكَسْرِ
هَذِي العِصَابَةُ فِي هَلاكِهِمُ
ذَبْحُ العِشَاءِ وَمَقْتَلُ الفَجْرِ
فَأَجَابَهُمْ فِي مَوْقِفٍ جَلَلٍ
سَيَظَلُّ يَرْوِيهِ فَمُ الدَّهْرِ
وَأَرَاهُمُ الآيَاتِ بَاهِرَةً
فَاسْتَأْنَسُوا بِبَشَائِرِ النَّصْرِ
يَا لَلمَلائِكِ أُرْسِلَتْ مَدَدًا
لِذَوِي التُّقَى شَدًّا مِنَ الأَزْرِ
صَالُوا عَلَى الأَعْدَاءِ صَوْلَتَهُمْ
وَالشِّرْكُ فَرَّ وَبَاءَ بِالخُسْرِ
♦ ♦ ♦
يَا أُمَّةَ القُرْآنِ، يَحْزُنُنِي
هَذَا الَّذِي فِي عَصْرِنَا يَجْرِي
وَهْنٌ تَمَطَّى بَيْنَ أَضْلُعِنَا
وَتَحَصَّنَتْ أَفْعَاهُ فِي الصَّدْرِ
فِي مَوْطِئِ الأَقْدَامِ عِزَّتُنَا
وَهْيَ الَّتي أَغْلَى مِنَ التِّبْرِ
لَوْ أَسْتَطِيعُ لَعِشْتُ مُعْتَزِلاً
مُتَبَرِّئًا يَا رَبُّ مِنْ عَصْرِي
مَا اخْتَرْتَنَا لِلعَيْشِ فِي سَفَهٍ
لِلَّهْوِ وَالتَّهْرِيجِ وَالسُّكْرِ
لِمَبَاذِلٍ تُزْرِي بِهَامَتِنَا
فَنَعِيشُ أَذْيَالاً لَدَى الكُفْرِ
نَحْنُ التُّقَى وَالنُّورُ مَنْهَجُنَا
نَهْدِي بِهِ مَنْ كَانَ لا يَدْرِي
وَنَرُدُّ أَهْلَ البَغْيِ نَرْدَعُهُمْ
لا نَنْحَنِي لِزَوَابِعِ القَهْرِ
مَهْمَا الدُّنَا أَغْرَتْ بِزُخْرُفِهَا
لَمْ تَلْقَنَا فِي عُصْبَةِ الشَّرِّ
لا نَفْتَحُ البُلْدَانَ نَنْهَبُهَا
فَضَمِيرُنَا أَنْقَى مِنَ القَطْرِ
لَكِنَّنَا بِالعَدْلِ نَدْخُلُهَا
بِمَشَاعِلٍ كَالأَنْجُمِ الزُّهْرِ
لا تَعْرِفُ الإِكْرَاهَ شِرْعَتُنَا
لا تَنْطَوِي أَبَدًا عَلَى غَدْرِ
إِشْرَاقَةُ الإِيمَانِ رَايَتُنَا
وَدَلِيلُنَا فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ
نَغْزُو قُلُوبَ النَّاسِ نَفْتَحُهَا
بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَالبِرِّ
بِفَضَائِلِ الإِسْلامِ نَعْمُرُهَا
وَنَعِيشُ إِخْوَانًا مَدَى الدَّهْرِ
فِي البَأْسِ أَجْنَادًا مُجَنَّدَةً
فِي اليُسْرِ أَعْوَانًا عَلَى الخَيْرِ
♦ ♦ ♦
يَا أُمَّةَ القُرْآنِ، لِي أَمَلٌ
أَدْعُو بِهِ فِي السِّرِّ وَالجَهْرِ
وَأَرَاهُ كَالأَحْلامِ فِي زَمَنٍ
أَحْلامُهُ فِي رِبْقَةِ الأَسْرِ
وَهُوَ الرَّجَاءُ وَمُنْتَهَى أَمَلِي
بَعْدَ الرِّضَا وَالعَفْوِ وَالسَّتْرِ
أَدْعُو بِهِ وَأُلِحُّ فِي طَلَبِي
إِنْ صَادَفَتْنِي لَيْلَةُ القَدْرِ
يَا رَبِّ فَاجْمَعْ شَمْلَ أُمَّتِنَا
لِنَعُودَ بَعْدَ الفَرِّ لِلكَرِّ.