جميع
الدراسات العلمية تؤكد الأضرار الكبيرة للخمر، وحتى الآن لا توجد دراسة
واحدة تقول بفائدة الخمر، إلا بعض الدراسات الشاذة التي أُعدت للدعاية فقط
ولأسباب تجارية. وكلما تطور علم الطب كشف قائمة جديدة بالأمراض التي يسببها
تعاطي الخمور بأنواعها. فقد حذرت دراسة طبية من أن شرب الكحول قد يؤدي إلى
العديد من الوفيات وحالات الإعاقة، تماماً كالتدخين وارتفاع ضغط الدم.
وقال الفريق الذي أعد الدراسة ونشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية، إن
الكحول يتسبب في نحو 60 مرضاً مختلفاً. وتناولت الدراسة العديد من الأمراض
منها سرطانات الفم والكبد والثدي وأمراض القلب والسكتة الدماغية، إضافة
إلى دور الكحول في حوادث السير والغرق والسقوط والتسمم وأيضا عمليات القتل.
ودعت
الدراسة إلى تقييد عدد الساعات التي تفتح فيها الحانات أبوابها وأيضاً
تحديد الساعات التي يمكن أن تبيع فيها المتاجر الكحوليات. وانتقد
البروفيسور السويدي روبن روم اعتزام بريطانيا إصدار تشريع يسمح بتناول
الكحوليات على مدار الساعة. من جانبه دعا البروفيسور البريطاني أيان غيلمور
الحكومة إلى معالجة التأثيرات الضارة للكحول خصوصا أن 25 في المائة من
البريطانيين يشربون الكحول ونحو ثلاثة ملايين منهم مدمنون!
ماذا نستفيد من هذه الدراسة
ونقول يا أحبتي إن مثل هذه الدراسات تؤكد يوماً بعد يوم صدق التشريع الإلهي في تحريم الخمر، يقول تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ
وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ
أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ
أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة: 90-91]. فقد بدأ الله ترتيب المنكرات كما يلي: (الْخَمْرُ - َالْمَيْسِرُ - َالْأَنْصَابُ – َالْأَزْلَامُ)، فجاء الخمر على رأس القائمة، فالقمار أو الميسر له أضرار اقتصادية ونفسية واجتماعية كبيرة تخبرنا بها الإحصائيات اليوم.
أما الأنصاب وهي حجارة
كان المشركون يذبحون قرابينهم عندها ويقربونها للآلهة (المزعومة)،
والأزلام هي قداح كانوا يستقسمون بها (كما جاء في ابن كثير). ولذلك فقد
حرَّم الإسلام كل هذه المنكرات، لأنها تضعف الإيمان وتجعل الإنسان يؤمن
بالأساطير والخرافات، وتملأ قلوب الناس بالضغينة والبغضاء، هذا هو الإسلام:
إنه دين العلم والتسامح والمحبة.
ولذلك
نجد مئات الأحاديث الشريفة تنهى عن الخمر بل فيها من الترهيب الشيء
الكثير، فلا يدخل الجنة مدمن خمر! وقد لعن الله شارب الخمر وعاصرها وحاملها
وآكل ثمنها وناظرها وهم في الإثم سواء! وقد ساهمت هذه الأحاديث في إبعاد
المسلمين عن ظاهرة الإدمان التي يعاني منها الغرب اليوم، وتجد علماءهم
يطلقون الصيحات والتحذيرات ولا حياة لمن تنادي. فقوة الأوامر النبوية كانت
سبباً مباشراً في تخفيض نسبة المدمنين على الخمر في العالم الإسلامي،
ولكننا نرى اليوم أن نسبة الذين يتعاطون الخمور من المسلمين في ازدياد بسبب
بعدهم عن تعاليم دينهم ومحاولة منهم لتقليد الغرب في كل شيء، فهل نعود
لهذا الدين الحنيف وإلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها (فَأَقِمْ
وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [الروم: 30].