منذ أن رفع ابراهيم واسماعيل عليهما السلام قواعد البيت الحرام العظيم وأفئدة الناس
تهفو اليه وتحبه وتحرص على خدمته وصيانته ورعاية حرمته ، وبعد مبعث نبينا صلى
الله عليه وسلم ، وتطهيره لهذا البيت من أدران الشرك ، ورواسب الوثنية منذ تلك
الاشراقة المباركة والطلعة الميمونة الى يومنا هذا ، وخلفاء الاسلام وأمراؤه يعنون
بهذا البيت العظيم أيما عناية ويرعونه أكمل رعاية ، فجزى الله من خدمه وصانه و
عني به خير الجزاء وأكمل الثواب . بحيث انه لاشك أن تاريخ البيت الحرام من
أعمق التاريخ وأطوله، فقد قال تعالى: {ان أول بيت وضع للناس للذى ببكة
مباركا وهدى للعالمين } [ آل عمران]...
له عدة أسماء و كثرتها تدل على شرفه فهو بيت الله ، والبيت العتيق، والبيت
الحرام، والكعبة ، والقبلة، والبيت ودعامة الاسلام ...
يقصده الناس لأداء مناسك الحج و العمرة المشرعة من الله عز و جل و هي أقدس
شعائر الاسلام ... ومن أشرف أجزاء البيت الحجر الأسود والركن اليماني، و
لذا شرع تقبيل الأول واستلام الثاني، للحجر الأسود بالخصوص مكانة في نفوس
المؤمنين، ومنزلة سامية عند جميع المسلمين، فهم يروون في شرفه وعلو مكانته
من الأخبار والآثار ما يزيد هذا الحجر المقدس جلالا ومهابة، وشرفا وتعظيما
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : { الحجر الأسود يمين الله في الأرض }
وقوله: { ان الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا
أن طمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب } وقوله: { يأتي هذا الحجر
يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق } .
وقوله: { نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم }
وليس الركن اليماني بأهون شأنا أو أدل قيمة من شقيقه الحجر الأسود، فان لكل منهما
فضائل، ولكل منهما ميزات وخصائص، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر
استلام الركن اليماني، وقيل له في ذلك فقال: ما أتيت عليه قط إلا جبريل عليه السلام
قائم عنده يستغفر لمن استلمه وأثر عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه وكل بالركن
اليماني سبعون ملكا، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة،
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، قالوا: آمين
ومما يزيد هذا الركن تقديرا فى نفوس المؤمنين ما روي أنه من وضع يده على
الركن اليماني، ثم دعا استجيب له.
هــمــ الحنين ــس