قال زعيم كنيسة إنجيلية بولاية فلوريدا الأميركية إن خطة كنيسة القس تيري جونز لإحراق نسخ من المصحف الشريف ألغيت تماما ولن تتم، يأتي ذلك بينما ناشد الرئيس الأميركي باراك أوباما مجددا جونز بعدم تنفيذ خطته ودعا الأميركيين في مقابلة تلفزيونية إلى التسامح الديني.
وقال القس كي. إيه بول -الذي يسعى للتوسط في عاصفة الاحتجاجات التي أثارتها خطة إحراق نسخ من المصحف الشريف- في مؤتمر صحفي "أريد أن أكون واضحا وأؤكد مائة بالمائة أنه لن تجري عملية حرق للقرآن يوم غد (اليوم) في الساعة السادسة مساء كما كان مخططا".
وكان القس جونز قد أعطى أمس الجمعة إمام المسجد الذي سيبنى ضمن مركز ثقافي إسلامي في نيويورك فيصل عبد الرؤوف مهلة ساعتين للرد على طلبه بتغيير مكان بنائه، لكنه لم يتلق منه أي جواب.
وفي سؤال لمراسل الجزيرة لم يخف القس جونز -وهو راعي كنيسة إنجيلية صغيرة بفلوريدا لا يزيد عدد أتباعها عن خمسين شخصا- عدم قراءته للقرآن أو حتى الاطلاع على بعض ما جاء فيه، لكنه قال إن لديه الرغبة في حرقه.
جاء ذلك بعد أن أعلن جونز أول أمس -عقب اتصال تلقاه من وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس- أنه ألغى خطته لحرق نسخ من القرآن الكريم بعد توصله لاتفاق مع إمام مسجد نيويورك لنقل مشروع بناء المسجد من موقعه الحالي، لكنه تراجع لاحقا وقال إنه علق خطته ولم يلغها، وقد يعيد النظر في تنفيذها.
وقد أكد عبد الرؤوف أنه لم يجر اتصالا مع جونز، ولم يعقد معه أي صفقات بشأن نقل موقع المركز الثقافي الإسلامي المزمع بناؤه قرب موقع برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك اللذين دمرا في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأثارت حملة القس جونز لحرق نسخ القرآن في ذكرى تلك الهجمات التي تصادف اليوم السبت موجة استياء واسعة سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي، واستنكرها العديد من القيادات السياسية وعلى رأسها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
أوباما حذر من تأثير حرق المصحف على المصالح الأميركية في الخارج (الفرنسية)فقد حذر أوباما في مؤتمر صحفي عقده أمس الجمعة بأن المضي بخطة حرق نسخ من المصحف الشريف يمكن أن يسبب أضرارا فادحة للمصالح الأميركية في الخارج، ويتسبب في عمليات انتقامية ضد القوات الأميركية في أفغانستان ومناطق أخرى، معربا عن أمله بأن يحجم جونز عن مسعاه.
وأكد أن حرق المصحف يمثل انتهاكا للقيم الأميركية ويسبب "ضررا شديدا" للولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم، منبها بأن عدو الأميركيين هو تنظيم القاعدة و"الجماعات الإرهابية التي هاجمت البلاد وما زالت تتآمر لإيذائها"، وليس الدين الإسلامي ودعا الشعب الأميركي للتحلي بالتسامح والوحدة.
وفي الأثناء اعتبر الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو في بيان له أمس أن المسألة برمتها "استعراض إعلامي ضخم" يمثل "الفوضى الشاملة المتوقعة من إمبراطورية تغرق"، وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة.
ودان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خطة الكنيسة الأميركية لحرق نسخ من المصحف، ونقلت محطة برس تي في الإيرانية عنه قوله أمس إن خطة حرق المصحف "مؤامرة صهيونية" وإن "الصهاينة وأنصارهم على طريق الانهيار والتراجع".
ومن جهته حذر رئيس إندونيسيا سوسيلو بامبنغ يوديونو من أن خطط القس الأميركي لإحراق نسخ من المصحف تشكل تهديدا للسلام العالمي. وقال يوديونو في خطاب بمناسبة عيد الفطر إنه عمل يمكن أن يسيء إلى الوفاق بين الأديان.
بدوره اعتبر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير دعوة جونز بأنها لا تمثل الغرب، وحذر من إمكانية استخدامها من قبل تنظيم القاعدة لتجنيد "الانتحاريين".
وفي إيطاليا انتقد رئيس لجنة تبشير الشعوب والحوار بين الكنائس في مجلس الأساقفة الإيطاليين المونسنيور أمبروجو سبريافيكو لوكالة آكي الإيطالية للأنباء أمس خطة حرق نسخ من القرآن، وقال إن حرق كتاب مقدس ما يمثل دائما تدنيسا للمقدسات، معتبرا أن هذا العمل يشبه حرق النازيين للتلمود والكتب اليهودية عام 1938.
آلاف الأفغان تظاهروا ضد حرق نسخ من المصحف الشريف (الجزيرة)وعلى الصعيد الشعبي تواصلت ردود الفعل والمظاهرات عبر العالم تنديدا بعزم القس جونز إحراق نسخ من المصحف الشريف، وكانت كبرى المظاهرات في أفغانستان حيث قتل متظاهر برصاص قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) وجرح 11 آخرون.
فقد قتل متظاهر أفغاني في ولاية بدخشان شمال شرقي البلاد بينما كان نحو عشرة آلاف يتظاهرون احتجاجا على تهديد القس جونز.
وفي إيران خرج المئات بعد صلاة الجمعة في العاصمة طهران للتنديد بخطة حرق نسخ من المصحف، وهتف المتظاهرون ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وحثوا على الوحدة الإسلامية لمنع تدنيس المقدسات الإسلامية.
وفي سنغافورة التي يعتنق نحو 55% من سكانها الإسلام، دعا رئيس جمعية الدعوة الإسلامية اليوم المسلمين إلى الامتناع عن القيام بأعمال "انتقامية" عندما يتعرضون للاستفزاز، وذلك في اشارة إلى خطط جونز بحرق نسخ من القرآن.
كما اندلعت مظاهرات احتجاجية غاضبة في مصر وليبيا وعدد من الدول العربية.