يجب على المتمتع سعيان أحدهما للعمرة والثاني للحج
هل المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة للعمرة والحج أم يجب عليه أن يسعى مرتين ؟
الحمد لله
يجب على المتمتع أن يسعى سعيين بين الصفا والمروة ، الأول للعمرة والثاني للحج .
" ولا يكفي سعي واحد في أصح أقوال العلماء ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الحديث ، وفيه فقال : (ومن كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا . . . إلى أن قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) رواه البخاري ومسلم .
وقولها رضي الله عنها - عن الذين أهلوا بالعمرة - : (ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) تعني به : الطواف بين الصفا والمروة ، على أصح الأقوال في تفسير هذا الحديث ، وأما قول من قال : أرادت بذلك طواف الإفاضة ، فليس بصحيح ؛ لأن طواف الإفاضة ركن في حق الجميع وقد فعلوه ، وإنما المراد بذلك : ما يخص المتمتع ، وهو الطواف بين الصفا والمروة مرة ثانية بعد الرجوع من منى لتكميل حجه ، وذلك واضح بحمد الله ، وهو قول أكثر أهل العلم ، ويدل على صحة ذلك أيضا ما رواه البخاري في الصحيح تعليقا مجزوما به ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سئل عن متعة الحج ، فقال : أَهَّل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع وأهللنا ، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي) ، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة ، وأتينا النساء ، ولبسنا الثياب ، وقال : (من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله) ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة) . انتهى المقصود منه ، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين . والله أعلم .
وأما ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافهم الأول ، فهو محمول على من ساق الهدي من الصحابة ؛ لأنهم بقوا على إحرامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى حلوا من الحج والعمرة جميعا ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أهل بالحج والعمرة وأمر من ساق الهدي أن يهل بالحج مع العمرة ، وألا يحل حتى يحل منهما جميعا . والقارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد ، كما دل عليه حديث جابر المذكور وغيره من الأحاديث الصحيحة .
وهكذا من أفرد الحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر ليس عليه إلا سعي واحد ، فإذا سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم كفاه ذلك عن السعي بعد طواف الإفاضة ، وهذا هو الجمع بين حديثي عائشة وابن عباس وبين حديث جابر المذكور رضي الله عنهم ، وبذلك يزول التعارض ويحصل العمل بالأحاديث كلها .
ومما يؤيد هذا الجمع أن حديثي عائشة وابن عباس حديثان صحيحان ، وقد أثبتا السعي الثاني في حق المتمتع ، وظاهر حديث جابر ينفي ذلك ، والمثبت مقدم على النافي ، كما هو مقرر في علمي الأصول ومصطلح الحديث ، والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" انتهى .
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن باز" (16/79- 81) .
الإسلام سؤال وجواب