تعريف المقال الفلسفي :
* هو تفكير غايته طرح مشكلة و توضيح معالمها و
جوانبها و تصور الحلول الممكنة لهذه المشكلة بغية مناقشتها و الإنتهاء الى تقديم
حل ياخذ بعين الإعتبار حدود الحلول المناقشة : إن هذا الهدف يقتضي ضرورة عدم
الإدلاء بأية نتيجة دون دعمها بالبراهين و الحجج اللازمة .
و الخاصية المميزة للمقال الفلسفي تتجلى في
كونه تفكيرا يعمل على تغيير نقدي للاحكام الجاهزة و لما يبدو بديهيا من الافكار ،
وهي أحكام و أفكار ناتجة على تأثير الوسط (الايديولوجيا المهيمنة و التكييف
الجماعي الناتج عنها ) كما أنه يعمل على تحقيق غرض أساسي وهو تجاوز المظهر الاولي
و الظاهر للسؤال. و ذلك بتنظيم تفكير يقود الى توضيح الضمنيات التي يفترضها ذلك
السؤال و تحديد شروط إمكانيته و السياق الذي يظهر فيه.
* و الغاية المنتظرة من هذا العمل لا تتمثل في
مجرد سرد سلبي للمعلومات بل في :
تحديد المشكل الذي يثيره الموضوع :
ان الأشكلة تنطلق من السؤال الموضوع الى
المشكل. و المشكل هو تناقض, اي قضيتين تبدوان صادقتين, او على الأقل مدعومتين
بحجج, و لكن قضيتين متعارضتين بحيث اذا اعتبرنا احدهما صادقة تكون الأخرى بالضرورة
كاذبة,
قضيتين لا يمكن قبولهما معا رغم كونهما يبدوان
صادقتين.
التفكير بصورة منظمة على أساس هذا المشكل:
و لا يكون ذلك ممكنا الاّ بالتزامنا بالمشكل,
اذ يتعلق الأمر بالبحث عن الحلول الممكنة, و هي حلول مختلفة و متناقضة, علينا ان
نتدرج في تحليلها بصرامة عوض ان نعرضها مكدسة و بطريقة سلبية. لذا على التلميذ ان
يميز بين نقطة الإنطلاق, اي المشكل, و نقطة الوصول, اي افضل حل ممكن (افضل لا
تحكميا و اعتباطيا و لكن أفضل منطقيا من حيث البراهين و من حيث قابلية التحقيق) و مجموعة
من المراحل بينهما تتمثل في افكار متماسكة و متدرجة نحو الحل الذي سيتبناه التلميذ.
ما يجب تجنبهـ غياب النظام : يعني عرض الأفكار بشكل سردي
دون تفكير فعلي في المشكل.
ـ العودة الآلية الى المخطط الجدلي و لكن بعد
افراغه من معناه: ان نجيب بنعم في مرحلة اولى ثم نجيب بلا في مرحلة ثانية و ننتهي
بربّما او بتاليف وهمي بين الحلين لا يقنع احدا و لا حتى النلميذ نفسهبناء عملية تحليلية تكون غايتها الوصول الى حل
للمشكل
:
بما ان الامر يتعلق بحل مشكل, يجب الانطلاق
منه. و بما ان المشكل هو تناقض و اختلاف في وجهات النظر, و بما ان التناقض يتكون
من قضيتين مدعّمتين, و لكن قضيتين غير متناغمتين و لا يمكن ان تكونا صادقتين
بطريقة متتابعة و من نفس المنظور و في نفس الظروف, فإن هذين القضيتين يمكن
اعتبارهما الأطروحتين اللتين يمكن تبنيهما كحل للمشكل, اي يمثلان عنصرين كبيرين في
التحليل. لذلك يجب ان نحدد ضمنيات كل واحدة منهما و نفسر في اي ظروف و ما هي شروط
صدقها.
لكن العمل يبقى غير ذي دلالة اذا اكتفينا بذلك,
ذلك انه عندما نكتفي ببيان شروط صدق كل واحدة من الأطروحات المتناقضة نكون قد
ابقينا على التناقض دون ان نحل المشكل وهو المطلوب. و لكي نتجاوز مجرد القول بان
صدق الاطروحة يتوقف على الحالات, او مجرد القول بان لكل احد الحق في تبني الاطروحة
التي تناسبه, يجب ان نبحث على معيار يمكننا من التمييز بين الحالات التي تكون فيها
الاطروحة الحل الانسب للمشكل و الحالات التي يكون فيها نقيضها الحل الانسب للمشكل
بحيث ننسب الاطروحتين.
او يمكن ايضا ان نتبنى الاطروحة و لكن علينا ان
نقدم براهين جديدة تاخذ بعين الاعتبار اعتراضات و حجج الاطروحة المخالفة و نبين
بالاضافة الى ذلك الاسباب التي تجعلنا نخطئ عندما نتبنى الاطروحة المخالفة كحل
للمشكل : فان ندحض هو شيء حسن و لكن الاحسن منه هو ان نفسر لماذا كان يُعْتَقد ان
ما ندحضه صادقا.
كما يمكننا ايضا ان نقدم حلا ثالثا للمشكل, حلا
يأخذ بعين الاعتبار الحلين السابقين و لكن يتجاوزهما و بالتالى يتجاوز التناقض, و
هو ما يتماشى و بطريقة اصيلة هذه المرة مع المخطط الجدلي بما ان الحل الثالث هو
تاليف بين الحلين الآخرين.
إن هذا الهدف يقتضي ضرورة عدم الإدلاء بأية
نتيجة دون دعمها بالبراهين و الحجج اللازمة .
الهيكل العـام للمقــــالالمقدمـة : كيف نتصورها و كيف نحررها ؟أ - __الوظيفة الخصوصية للمقدمـة إن دور المقدمة لا يتمثل في مجرد التمهيد
للموضوع . بل ينبغي أن تسترعي المقدمة انتباه القارئ و تركزه على القضية . تقديم
الموضوع يعني إذن تحديد المشكل و إبراز أهميته و وضعه في إطار تصور عام .
* لا يجب في المقدمة افتراض نص الموضوع معروفا ،
إذ لو حصل ذلك لتنكرت المقدمة لنفسها ، بل ينبغي ذكر نص الموضوع في آخر المقدمة و
التركيز عليه .
* ينبغي أن يكون نص الموضوع وظيفيا و مركزا تقوده
فكرة أساسية وهي تقديم الموضوع و إبراز ضرورة التفكير فيه .
* الفكرة الموجهة لحركة المقدمة : أمران يقتضيان
التحقيق
:
- التدرج نحو الموضوع ( تمهيد واضح )
- إبراز المشكل الذي يجب تكوينه خلال حركة
التقديم ( إبراز قيمة الموضوع و جلب الانتباه حول ضرورة القيام ببحث )
* إن نص الموضوع لا يمثل بصورة مباشرة محتوى
المشكل بوضوح . و بالرغم من أن العمل التحضيري هو الذي تعود اليه مهمة طرح المشكل
بصورة شاملة فإن غاية المقدمة مع ذلك تكمن في تحديد المشكل و ابرازه على الاقل في
خطوطه العريضة و ذلك بغرض الشروع فعليا في التفكير المعمق . هذا الامر يقتضي إذن
نبذ تلك المقدمات التي تقوم على العموميات لا فائدة منها مثل القول " منذ
قديم الزمان كان الانسان يفكر دوما في القضية الفلانية الخ ... " )
ب - بعض التقنيات في التمهيد للموضوع و إبراز
قيمته
- ما يجب تفاديه : يجب نبذ العموميات و الافكار
السطحية أو مجرد الاستعمال السردي للامثلة أو محاكاة نص الموضوع . كما ينبغي تفادي
الجمل الفضفاضة و الاساليب المتكلفة التي تفرض الموضوع أو تسقطه إسقاطا دون أن
يكون السياق العام قد هيأ له .
- هناك عدة أساليب في التمهيد لموضوع ما و ابرازه
كموضوع تفكير :
* ماهي الظروف التي تبعث على طرح الاشكال ؟
* في اطار أية مسألة يمكن أن نقدم القضية
المقترحة أو ميدان التفكير الذي كشف عنه الموضوع .
إن التمهيدات الممكنة لموضوع ما يمكن تصورها
لوضع نقطة أنطلاق توضح الموضوع بطريقة خاصة .
* عرض لـرأي شائع
* إبراز النسبية الثقافية لبديهية ما .
* المفارقـة .
* الاطروحة الفلسفيـة المقابلـة .
جوهــر الموضوع تجسيم المسار المنهجي للمقال ( المخطط) الذي
وقع ضبطه أثناء العمل التحضيري .
كيف يمكن تصور و تحرير الخاتمة إن الهدف من الخاتمة هو حوصلة عملية التفكير
التي تحققت لحد الان خلال المقال وضبط نتائجها ، و لهذا يتعين استخلاص الاستنتاجات
الجزئية التي أبرزت خلال المقال و ضبط نتائجها. و صياغتها بصورة مختصرة في شكل
تأليف