هل نسينا المسجد الأقصى؟!
]
بقلم: جمال ماضي
1- أين نحن من الأقصى؟
جمال ماضي
أمام المحاولات المستمرة لاقتحام المسجد الأقصى، عجبًا لمن لا يهتز كيانه!، والأعجب لمن لا يعلم أصلاً أن اليهود قد أعلنوا النفير العام لاجتياح المسجد الأقصى، وإقامة هيكلهم المزعوم؛ فقد حاول الآلاف منهم احتلال المسجد الأقصى وفشلوا، وهدفهم هو هدم المسجد الأقصى.
فأين نحن مما يخططون؟! وأين نحن مما يمهدون؟! وأين نحن مما يتآمرون؟! أين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟!.
أليس هو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! أليس منه عُرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء؟! أليس هو أولى القبلتين؛ حيث توجه إليه المسلمون مدة ستة عشر شهرًا؟! أليس هو ثاني مسجد يُبنَى على الأرض؟ كما روى البخاري عن أبي ذر، قلت يا رسول الله: أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ قال: "المسجد الحرام"، قلت ثم أي؟، قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون سنة".
أليس هو ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال؟! لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" (متفق عليه).
أليس هو المسجد الذي بأكنافه ونواحيه الطائفة الظاهرة على الحق؟! فعن أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق؛ لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيَ أمر الله عز وجل وهم كذلك"، قالوا يا رسول الله: وأين هم؟ قال: "في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
أليس هو ملتقى الأنبياء بالرسول صلى الله عليه وسلم، حين صلى بهم إمامًا، في رحلتي الإسراء والمعراج؟! أليس هو وقفًا إسلاميًّا بكل ساحاته وأسواره وكل ما تحته وما فوقه وليس لغير المسلمين حق فيه؟! فالمسجد الأقصى مسجد إسلامي بقرار رباني، وليس بقرار وضعي.
أليس هو مَن زاره من الصحابة أبو عبيدة وصفية زوج النبي ومعاذ وخالد وأبو هريرة، وبلال الذي رفض أن يؤذن بعد وفاة النبي إلا بعد فتح بيت المقدس؟! أليس هو مَن شرَّفه من الخلفاء والأبطال: عمر بن الخطاب، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمر بن عبد العزيز، وصلاح الدين، وعبد الحميد؟!.
أليس هو الذي كرَّم الله الأنبياء عنده، فكلم موسى، وبشَّر زكريا بيحيى، وتاب على داود، ووُلد في أرضه عيسى، وهاجر إليه إبراهيم عليهم جميعًا السلام؟!
2- ماذا فُعِل بالمسجد الأقصى؟
- احتله الصهاينة بالقوة، وحفروا تحته الأنفاق والحفريات جهارًا، ويحاولون هدمه عيانًا لبناء هيكلهم المزعوم، فهل ننتظر حتى نرى انهيار المسجد الأقصى؟!.
- اليوم يفرغون محيط المسجد الأقصى من المسلمين، ويطردون العرب والمسلمين من مدينة القدس، ويحدث ذلك على مسمع ومرأى من أمة تزيد عن المليار ونصف المليار، فأين نخوة الأمة؟!.
- الآن ثلاثون منظمة صهيونية تخطط لهدم الأقصى، ولا تسمح الشرطة الصهيونية بدخول أي مواد بناء للترميم، بل تسمح لليهود فقط بالدخول إلى المسجد الأقصى، فمن الذي يحمي الآن المسجد الأقصى؟!.
- اليوم يجبرون أصحاب الأرض على ترك قراهم من أجل أن يسكن فبها المغتصبون؛ فالإحصائيات تفصح أن نسبة أهل المدينة الأصلية 36 % مقابل 64 % لليهود بواقع نصف يهود الضفة الغربية، أي حوالي 160 ألف يسكنون اليوم في القدس!، وبهذا فإن الجدار يعزل حوالي 190 ألف فلسطيني عن القدس.
3- الأقصى بات اليوم سجينًا
فعيناك تصطدمان بسدٍّ من الأسمنت الرمادي الفاتر المصبوب في كتل فائقة البشاعة، وبوابات لا يمر خلالها إلا ذوو الحظوة بإذنٍ من المحتل الصهيوني.
والجدار يتلوى كما الأفعى فوق الأرض المباركة الفلسطينية في مدينة القدس؛ يلتهم الزرع والأرض والمبنى والإنسان، والعالم صامت رغم القوانين والمواثيق والاتفاقيات ورغم قرار أعلى محكمة دولية في العالم!!.
فيا من يلهثون وراء خداع السلام المزعوم.. هذا الجدار الذي يسميه الكيان الصهيوني (غلاف القدس) أو (حاضن القدس)، ألا تسمعونه وترونه يصرخ فيكم: ما سلامهم المزعوم سوى أكاذيب ومراوغات لتنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني؟! ألا تشعرون؟! ألا تحسون؟! ألا تفهمون؟!
لقد بات اليوم الأقصى أسيرًا، سجينًا، محاصرًا، مقطَّعًا؛ ففي غفلة من الفلسطينيين والعرب والمسلمين يهدم كل يوم جزء منه، وإخواننا لا يملكون إلا الصراخ في الأمة عسى من إفاقة!.
فيقيمون المؤتمرات تحت عنوان (وا أقصاه) (الأقصى في خطر)، ويكشفون بالوثائق والخرائط الخطة الصهيونية الهادفة إلى هدم المسجد الأقصى!.
فهل سيعود؟! نعم هو عائد، وكيف يعود؟ حتمًا هو عائد، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبد الله.. هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد؛ فإنه من شجر يهود".
4- فمَن الذي يبادر لإنقاذ القدس؟
ألم يَأْنِ للفهماء أن يفهموا أن الهدف الرئيس هو تحقيق الحلم الخرافي الصهيوني في تحويل القدس إلى (عاصمة إسرائيل الأبدية) حتى ولو كان على جماجم الفلسطينيين؟!.
وعلى عينٍ من العالم وفي كل يوم قرى صهيونية كاملة تُبنَى وتضم إلى القدس، ولك أن تسأل: كم من القرى الفلسطينية في القدس ومحيطها قد دَمَّر الكيان الصهيوني منازلها، أو اغتصب أراضيَها الزراعية، أو فقدت عوائلها مصادر رزقها من تجارة أو زراعة أو صناعة، أو فقد أفرادها هويتهم الزرقاء ليجدوا أنفسهم غرباء في مدينتهم القدس، أو مرضى يموتون؛ لأن 90% من موظفي المستشفيين الرئيسيين غير قادرين على الوصول إلى عملهم، وأن 80% من مرضى السرطان والكلى وحالات الولادة ممنوعون من الحصول على تصريح المرور لتعسف الإجراءات، فهل هذا هو الموت البطيء، أو القتل بطريقة غير مباشرة للشعب الفلسطيني في القدس وما جاورها؟!.
لقد انتفض أهل القدس فحشد الكيان الصهيوني كل قواها فسقط أول أربعة شهداء كدفعة أولى لمقاومة الجدار الغاشم، وتلاهم عدد من الشهداء، ورغم قرار محكمة العدل الدولية فإن ما يفعله الكيان الصهيوني ومعها دول العالم هو ضد بنود القرار؛ فالقرار ينص على التالي:
1- عدم شرعية الجدار كله (فهل سكوت العالم يعني رضاه؟!).
2- ضرورة إزالته وهدمه وإعادة الممتلكات والأراضي لأهلها وتعويضهم عن الخسائر (كل يوم يسقط شهيد لمطالبته بحقه).
3- جميع الدول ملزمة بعدم تقديم أي نوع من المساندة لدولة الاحتلال تؤدي إلى الإبقاء على الوضع الناتج من الجدار (كل أدوات وخامات الجدار من جميع دول العالم بلا استثناء)،
ألا يحق للكيان الصهيوني أن يعربد ويضرب بالقرارات عرض الحائط، يقول وزير التربية الصهيوني: "في بلدنا لا يوجد متسع سوى لليهود، سنقول للعرب: اخرجوا، إذا لم يوافقوا، إذا قاوموا فسوف نخرجهم بالقوة.
هذا ما يفعله الكيان الصهيوني بالقدس رغم التكلفة الباهظة، فيكلفه الكيلومتر الواحد مليون دولار، وقد يصل في بعض المناطق إلى 2 مليون دولار في جدار طوله 730 كيلومترًا!!.
لقد آن بالفعل أن نقول: القدس نحميها معًا.. القدس نستعيدها معًا.. القدس نحررها معًا.
الأقصى: (يناديكم، يستصرخكم، يناشدكم)، فمن الذي يبادر منا ويقول: "أنا أحمي الأقصى، أنا للقدس فداء"؟!
---------