عليه دين مقسط فهل يخصم من الزكاة؟
السؤال : كيف تخرج الزكاة في حال الدَّيْن الذي يؤديه صاحبه بالتقسيط ولمدة 10 سنوات؟
الجواب :
الحمد لله
اختلف الفقهاء في الدَّيْن هل يمنع الزكاة ؟ على قولين مشهورين ، أحدهما : أنه لا يمنع الزكاة ، فمن ملك نصابا وحال عليه الحول وجب عليه أن يزكيه ، مهما كان دَيْنُه ، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله ، وهو الذي يرجحه كثير من أهل العلم .
وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً ، ولأن النبي صلى الله عليه ومسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة ، ولا يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا ؟ ولأن الزكاة تتعلق بعين المال ، والدين يتعلق بالذمة ، فلا يمنع أحدهما الآخر .
واحتج أصحاب القول الثاني وهم الجمهور بما جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقول : ( هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دَيْن فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم ) ، وفي رواية : ( فمن كان عليه دين فليقض دينه ، وليزك بقية ماله ) .
وهذا لا حجة فيه ، فمن أدى الدَّيْن ، فليس عليه فيه زكاة ، والنزاع هو فيمن لم يؤد الدين ، واحتفظ بالمال لينتفع به ، فهل تسقط عنه الزكاة ؟
قال النووي رحمه الله : " الدين هل يمنع وجوب الزكاة ؟ فيه ثلاثة أقوال ، أصحها عند الأصحاب , وهو نص الشافعي رضي الله عنه في معظم كتبه الجديدة : تجب ... فالحاصل أن المذهب وجوب الزكاة سواء كان المال باطنا أو ظاهرا أم من جنس الدين أم غيره , قال أصحابنا : سواء دين الآدمي ودين الله عز وجل , كالزكاة السابقة , والكفارة والنذر وغيرها " انتهى من "المجموع" (5/317) ، وينظر : "نهاية المحتاج" (3/133) ، "الموسوعة الفقهية" (23/247) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا ، ولو كان عليه دين ينقص النصاب ، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
ولا فرق في ذلك بين الدَّيْن الحال والمؤجل ، إلا أن بعض الفقهاء الذين قالوا بأن الدين يمنع الزكاة ، استثنوا الدين المؤجل ، فقالوا : إنه لا يمنع الزكاة ، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله . وينظر : "الإنصاف" (3/24) .
وقال بعض المعاصرين : لا يخصم إلا قسط السنة فقط ، فمكن كان عليه اثنا عشر ألفا مقسطة ، يدفع في كل سنة ألفا ، فإنه يخصم من مال الزكاة ألفا ويزكي الباقي .
وأما على القول الراجح ، فإنه لا فرق بين الدين المؤجل والحال ، فكلاهما لا أثر له على الزكاة ، فينظر الإنسان إلى ما لديه من مال زكوي ، فيزكيه إذا توفرت شروط الزكاة من بلوغ النصاب ومرور الحول ، مهما كان عليه من أقساط .
وينبغي أن يعلم أن الجمهور الذين يقولون بأن الدين يخصم من المال الزكوي يشترطون ألا يكون لدى الإنسان مال آخر يسدد به دينه زائد عن حاجته الأساسية .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/247) : " القائلون بأن الدين يسقط الزكاة في قدره من المال الزكوي , اشترط أكثرهم أن لا يجد المزكي مالا يقضي منه الدين سوى ما وجبت فيه ، فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الأساسية , فإنه يجعله في مقابلة الدين , لكي يسلم المال الزكوي فيخرج زكاته " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب