بسبب الطبيعة الجغرافية لإندونيسيا، فقد قامت بها العديد من الممالك منذ قبيل الإسلام وحتى مجيء الاستعمار، ولقد دخلت معظم هذه الممالك في الإسلام قبل دخول الاستعمار إليها.
كان الاستعمار البرتغالي أول من دخل إندونيسيا، وقد أتى هذا الاستعمار الصليبي مشحونًا بالعداوة ضد المسلمين منذ أيام الأندلس، فاصطدم معه السكان بقوة وذلك سنة 917هـ ولكن سرعان ما حل الاستعمار الأسباني محل البرتغالي وذلك سنة 988هـ، وهو بدوره لم يمكث في البلاد طويلاً إذ حل محله الاستعمار الهولندي الذي ظل جاثمًا على صدور المسلمين بإندونيسيا لفترة طويلة.
خاض مسلمو إندونيسيا معارك باسلة وبطولات خارقة ضد الاستعمار الهولندي الذي شدد قبضته على البلاد، واعتبرت هولندا إندونيسيا بقرة حلوبًا تدر بالخيرات، وارتفعت مكانة هولندا بين الدول الأوروبية بسبب المكاسب الهائلة التي نالتها من تجارة خيرات أندونيسيا، وقاد العلماء في إندونيسيا ثورة المسلمين ضد الاستعمار، ودخلت إنجلترا حلبة الصراع على خيرات إندونيسيا ضد هولندا، ثم اتفق البلدان على أن تترك إنجلترا إندونيسيا لهولندا على أن تتنازل هولندا عن جنوب أفريقيا لإنجلترا.
برز من أبطال الجهاد الإسلامي في إندونيسيا الأمير «ديبونيجورو» والشيخ مصطفى سحاب وتنكو عمر، وبعد الحرب العالمية الأولى اتجه الإندونيسيون نحو توحيد صفوفهم وتأسيس الجمعيات والأحزاب الإسلامية التي تنوعت أنشطتها من اجتماعية وخيرية وتعليمية وسياسية، وواجه الاحتلال الهولندي هذه التنظيمات ببث الفرقة وإثارة النعرات بين أهل إندونيسيا وفتح الباب للقاديانية التي تعتبر من ألد أعداء الإسلام، وفي هذه الأثناء اندلعت الحرب العالمية الثانية واكتسحت اليابان بلاد جنوب غرب آسيا، فاحتلت اليابان إندونيسيا سنة 1361هـ وطردت هولندا منها، وأخذ الحلفاء في بذل الوعود المعسولة للإندونيسيين، وأنهم سيحصلون على الاستقلال في حال مساعدة الحلفاء على طرد اليابان، فقام الإندونيسيون بمقاومة الاحتلال الياباني، وبالفعل هزمت اليابان، ولكن ظلت البلاد ترزخ تحت الاحتلال الهولندي الذي وجد كل معاونة من الدول الاستعمارية الأخرى.
تداعى زعماء المسلمين بإندونيسيا من كل مكان وعقدوا اجتماعًا في مدينة جاكرتا سنة 1364هـ ـ 1945 وأسسوا تنظيمًا إسلاميًا واحدًا عرف باسم «ماشومي»، فعمل الاستعمار الصليبي الهولندي على انتقاء العناصر العلمانية المحلية من شيوعيين وقوميين، وتفاوضوا معهم من أجل تسليم السلطة إليهم لضمان ولائهم بعد الاستقلال، ويكون بذلك الاستقلال مجرد حبر على ورق.
حاول الاستعمار الهولندي أن يقسم البلاد إلى جزأين، فأسرع مجاهدو حزب «ماشومي» واشتبكوا مع القوات الهولندية في معارك طاحنة اشترك فيها عامة الشعب الإندونيسي، وتحت وطأة الهجمات والمقاومة الشعبية وافق الاحتلال الهولندي على الانسحاب من البلاد، ونالت إندونيسيا استقلالها في 7 ربيع أول 1369هـ ـ 27 ديسمبر 1949.