موسكو
من أهم أحداث العام المنصرم، بحسب وكالة "نوفوستي"، نشر موقع "ويكيليكس" لوثائق سرية، والتوقيع على المعاهدة الروسية الأمريكية الجديدة لتقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، وقرار إنشاء الفضاء الاقتصادي الموحد بين روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان على أساس اتحادها الجمركي، وفضيحة التجسس بين روسيا والولايات المتحدة، وترحيل الروسي فيكتور بوت من تايلاند إلى الولايات المتحدة.
واهتمت الأوساط الاجتماعية أيضا بانتخابات الرئاسة الأوكرانية، والانقلاب الحكومي في قرغيزيا، وزيادة حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، وثوران بركان أيسلندا، والزلزالين في هاييتي وتشيلي.
1- "ويكيليكس"
ذاع صيت موقع "ويكيليكس" بعد نشر مئات الآلاف من الوثائق السرية الأمريكية. وكانت الوثائق متعلقة بالعمليتين العسكريتين الأمريكتين في العراق وأفغانستان أولا. ثم جاءت مراسلات دبلوماسية تضمنت تعليقات صريحة على الزعماء الأجانب وتقييما للسياسات التي ينتهجونها. ويرى العديد من الخبراء أن هذه التسريبات سددت ضربة لسمعة واشنطن في القضايا الدولية.
وبعد نشر الدفعة الأولى من الوثائق سرعان ما اتهمت النيابة السويدية مؤسس الموقع الأسترالي جوليان أسانج غيابيا بالقيام بجرائم جنسية، ليتم إدراج اسمه على قائمة المطلوبين لدى الشرطة الدولية "الإنتربول".
وحضر أسانج في نهاية المطاف بنفسه إلى شرطة ومحكمة لندن، ليتم القبض عليه. وقد تم الإفراج عنه لاحقا بكفالة. مع أخذ الشهرة العالمية التي حصل عليها أسانج بعين الاعتبار، قد تصبح قضية ترحيله إلى السويد من أهم أحداث عام 2011.
2 - المعاهدة الروسية الأمريكية الجديدة لتقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية
وقع الرئيسان الروسي مديتري ميدفيديف والأمريكي باراك أوباما في 8 أبريل 2010 في براغ على معاهدة جديدة لتقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية ("ستارت - 3"). ومن المقرر أن تشكل المعاهدة أحد أسس المنظومة الحديثة للأمن الدولي. ويعتزم الجانبان تقليص إجمالي عدد الرؤوس النووية القتالية إلى 1550 لدى كل منهما، أي بمقدار الثلث مقارنة بالمعاهدة الموقعة في موسكو في عام 2002، وخفض عدد وسائل النقل الإستراتيجية لهذه الأسلحة بنسبة تفوق 50 %، أو إلى 800. وتدخل المعاهدة حيز التنفيذ بعد مصادقتها من قبل مجلسي البرلمان الروسي ومجلس الشيوخ بالكونغرس الأمريكي.
وبعد بذل جهود كبيرة تمكن الرئيس الأمريكي في نهاية المطاف من إقناع السيناتورات بضرورة المصادقة على المعاهدة قبل نهاية العام. وكانت لهذا الأمر أهمية كبرى، إذ أنه في حال عدم التصويت لصالح المعاهدة في هذا الموعد، لكانت عملية المصادقة استغرقت وقتا أطول بالكونغرس الجديد الذي يبدأ أعماله في يناير 2011.
وصادق مجلس الشيوخ الأمريكي على المعاهدة في الثالث والعشرين من ديسمبر. وأعرب الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف عن رضاه عن ذلك، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن مجلسي البرلمان الفدرالي الروسي قد يحتاجان إلى بعض الوقت لدراسة الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة عند المصادقة.
3 - إنشاء الاتحاد الجمركي بين روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان
دخل قرار رؤساء روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان بشأن بدء إنشاء الاتحاد الجمركي بين هذه الدول حيز التنفيذ في الأول من يناير 2010. وفي التاسع من ديسمبر أصدرت روسيا وبيلوروسيا وكازاخستان في قمة قادتها بموسكو إعلانا حول تشكيل الفضاء الاقتصادي الموحد بين الدول الثلاث.
وينص الإعلان على أنه بموجب خطة العمل لتشكيل الفضاء الاقتصادي الموحد، ستدخل الوثائق الخاصة بهذا المشروع حيز التنفيذ اعتبارا من 1 يناير 2012، ما يعني بدء عمل الفضاء الاقتصادي الموحد بين الدول الثلاث.
وأعلن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في ختام قمة الاتحاد الجمركي بموسكو أن الفضاء الاقتصادي الموحد والاتحاد الأوراسي في المستقبل سيكونان مفتوحين أمام انضمام دول أخرى.
4 - فضيحة التجسس بين روسيا والولايات المتحدة
تناولت الصحف العالمية في نهاية شهر يونيو نبأ توقيف عشرة أشخاص في الولايات المتحدة بتهمة التجسس لصالح روسيا. وأعلن الجانب الأمريكي آنذاك أن الاعتقالات جاءت نتيجة لتحريات تولاها مكتب التحقيقات الفدرالي FBI. إلا أنه تردد في وقت لاحق خبر مفاده أن الفشل الذريع جاء نتيجة لخيانة ضابط رفيع المستوى بالاستخبارات الخارجية الروسية. وقد تم الإعلان عن هذه الفضيحة بعد مرور أيام معدودة على زيارة الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف إلى واشنطن التي كان من المقرر أن ترمز لـ"إعادة إطلاق" العلاقات الروسية الأمريكية. وزاد ذلك من حجم الفضيحة.
واعترف الموقوفون في المحكمة بأنهم عملوا بصورة غير مشروعة كعملاء روس في الولايات المتحدة. وفي وقت لاحق اتفقت موسكو وواشنطن على تسليم الموقوفين العشرة لروسيا مقابل الإفراج عن أربعة معتقلين بتهمة خيانة الدولة الروسية وترحيلهم إلى الغرب.
5 - ترحيل فيكتور بوت
تم ترحيل الروسي فيكتور بوت إلى الولايات المتحدة بعد أن قضى عامين ونصف العام في السجن التايلاندي. وذلك على الرغم من إصدار المحكمة حكما ببراءته مرتين. وأثار تسليم بوت ردود أفعال سلبية لدى موسكو التي اعتبرت قرار ترحيل رجل الأعمال الروسي نتيجة لضغوط صريحة مارستها الولايات المتحدة على تايلاند.
وتعتبر الولايات المتحدة بوت من أكبر التجار غير الشرعيين بالأسلحة، وتتهمه بالمؤامرة بهدف اغتيال مواطنين أمريكيين وتقديم دعم مادي للإرهاب، وهو مهدد بعقوبة السجن مدى الحياة. ومن جانبه ينفي بوت كل الاتهامات، مدعيا أنه لم يتاجر بالسلاح أبدا، بل كان يتولى أعمالا مشروعة في مجال النقل الجوي.
ستبدأ مرافعات الدعوى في 10 يناير 2011 في نيويورك.
6 - بركان أيسلندا
تسبب ثوران بركان أيسلندا في أبريل 2010 في اضطرابات في حركة النقل في أوروبا. كان البركان هادئا منذ القرن الـ 19، ولكنه اندلع في العشرين من مارس، وفي الرابع عشر من أبريل بدأ يلقي بكميات كبيرة من الرماد إلى ارتفاعات عالية. نظرا لتوسيع السحابة البركانية اتخذت الجهات الأوروبية المختصة بأمان التحليقات قرار إغلاق المجالات الجوية لمناطق كثيرة بشكل مؤقت. وشهدت حركة النقل الجوي فوق أوروبا شللا تاما تقريبا. وكان عشرات آلاف الركاب العالقين في المطارات حول العالم يتابعون النشرات الجوية، منتظرين تغيير اتجاه الرياح.
ولم تُستأنف حركة النقل الجوي إلا بعد أن غادرت سحابة الرماد البركاني المجال الجوي فوق أوروبا. واستمر ثوران البركان حتى الثالث والعشرين من مايو، متسببا في خسائر كبيرة لقطاع السياحة. وتقدر خسائر شركات السياحة الأوروبية وحدها بمليارين و300 مليون دولار.
7 - نهاية "الحقبة البرتقالية" في أوكرانيا
اهتمت وسائل الإعلام العالمية في شهر يناير الماضي بالانتخابات الرئاسية في أوكرانيا، متسائلةً هل سيتمكن البرتقاليون، ويمثلهم الرئيس فيكتور يوشينكو ورئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو، من البقاء في السلطة أم سيفوز فيكتور يانوكوفيتش؟
وتبينت النتيجة في فبراير، إذ تمكن يانوكوفيتش من التفوق على تيموشينكو في الجولة الثانية من الانتخابات. ويرى المراقبون أن فوزه جاء نهاية طبيعية لـ"الحقبة البرتقالية" التي شهدت تدهورا للوضع الاقتصادي والاجتماعي في أوكرانيا وتراجع العلاقات بين كييف وموسكو.
وركزت السلطة الجديدة على استعادة العلاقات الروسية الأوكرانية بالتوازي مع توسيع نطاق التعاون مع الاتحاد الأوروبي. ويبشر ذلك بألا تشهد فترة الاحتفالات بحلول السنة الجديدة "حروب الغاز" بين موسكو وكييف على غرار ما كان الأمر عليه في "الحقبة البرتقالية".
8 - ثورة روزا أوتونبايفا تلي ثورة سوسن
وقع انقلاب حكومي جديد بعد مرور خمسة أعوام على ثورة سوسن في قرغيزيا، إذ اقتحم حشد من المشاغبين مبنى الحكومة الواقع بالساحة الرئيسية في بشكيك في السابع من أبريل. وأسفر الاقتحام وأعمال الشغب التي شهدتها العاصمة، عن مقتل نحو 90 شخصا وإصابة 1500 آخرين بجروح.
وتولت الحكومة المؤقتة التي كانت تضم زعماء أحزاب المعارضة بقيادة روزا أوتونبايفا، زمام السلطة في البلاد. وغادر الرئيس القرغيزي المخلوع كرمان بك باقييف وأقرباؤه ومقربوه البلاد. ووجد باقييف لنفسه مأوى في بيلوروسيا، مكررا بذلك في الواقع مصير سابقه عسكر أكايف الذي أُرغم على الفرار من قرغيزيا إلى روسيا بعد ثورة سوسن.
وفي شهر يونيو أقر الاستفتاء الدستور الجديد الذي ينص على تحويل قرغيزيا إلى جمهورية برلمانية. ومُنحت أوتونبايفا صلاحيات رئيسة الفترة الانتقالية حتى عام 2012. وفي شهر ديسمبر تم تشكيل ائتلاف حاكم وحكومة بزعامة ألمازبيك أتامبايف من المحاولة الثانية طبقا لنتائج الانتخابات البرلمانية.
9 - زلزالان في تشيلي وهاييتي
وقع زلزالان بقوة 7.0 و5.9 درجات بمقياس ريختر في 12 يناير 2010 في هاييتي التي تعد إحدى أفقر دول العالم. وبلغت حصيلة الضحايا 230 ألف قتيل ونحو ثلاثة ملايين متضرر، وذلك ناهيك عن تدمير 250 ألف منزل. وتحولت العاصمة بورت أو برنس إلى الأنقاض. وتكبد اقتصاد هاييتي خسائر فادحة بلغت نحو 9 مليارات دولار.
وبعد مرور شهر ونصف الشهر وقع زلزال بقوة 8.8 درجات في 27 فبراير 2010 في تشيلي على بعد 115 كيلومترا شمال مدينة كونسيبسيون، وتلته سلسلة تسونامي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص، وأصبح مليونان آخران بلا مأوى، وذلك ناهيك عن خسائر مادية بلغت عدة مليارات من الدولارات.
وقدم عدد من الدول، بما فيها روسيا، دعما لدول أمريكا اللاتينية المتضررة. وأقلت طائرات تابعة لوزارة الحالات الطارئة الروسية مستشفى متحركا ومساعدات إنسانية إلى هاييتي في شهر يناير وإلى تشيلي في مارس.
10- زيادة حدة النزاع بين الكوريتين
وصلت الكوريتان إلى حافة الحرب بعد غرق سفينة "تشونان" الكورية الجنوبية في البحر الأصفر في السادس والعشرين من مارس وشن كوريا الشمالية قصف مدفعي على جزيرة يونبيونغ التابعة لكوريا الجنوبية في الثالث والعشرين من نوفمبر. واتهمت سيئول بيونغ يانغ بالقيام بأعمال العنف والاستفزاز. إلا أن كوريا الشمالية لم تتبن المسؤولية عن الحادثين.
وبذلك وصل التوتر في شبه الجزيرة الكورية إلى مستوى لا سابق له خلال العقد الماضي، مما زاد أيضا من حدة التوتر بين الولايات المتحدة التي تدعم كوريا الجنوبية والصين التي لم تتخل عن تأييد كوريا الشمالية. ودعت روسيا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي للنظر في التدابير لمنع تصاعد الأوضاع واستئناف الحوار.