مهدت حالة الندرة التي شهدتها بعض المواد الغذائية الأساسية من بينها الحليب، فضلا عن الارتفاع القياسي لأسعار الخضر والفواكه دون أن تجد الجهات المسؤولة تبريرات لها، وكذا مكافحة الأسواق الموازية، دون استحداث مساحات لاستقطاب المئات من التجار الموازين لاحتقان الوضع، فكان ارتفاع أسعار الزيت والسكر بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس .
* وتؤكد المؤشرات بأن خروج المئات من الشباب للشارع للتنديد بتدهور ظروفهم الاجتماعية، رغم ما صاحب هذه الاحتجاجات من انزلاقات خطيرة وتعد على الممتلكات العمومية وكذا الأشخاص، لم يكن وليد صدفة أو مجرد قرار من الحكومة بمراجعة أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، بل كانت نتيجة لتراكمات عدة .
وقد كانت سلسلة الاحتجاجات على إقصاء المتضررين من الاستفادة من سكنات لائقة، بمثابة أسباب ممهدة لحالة الاحتقان التي تعيشها مناطق كثيرة من الوطن، ونذكر على سبيل المثال المظاهرات التي شهدتها أحياء ديار الشمس وباب الوادي وديار البركة ببراقي وباش جراح، حيث خرجت الأسر مطالبة بحقها في السكن .
وصاحب هذه الاحتجاجات تزايد حالة الاستياء جراء ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، وهي زيادة عجزت وزارة الفلاحة عن إيجاد تفسير لها، رغم إقدامها على اتخاذ إجراءات احترازية لضمان استقرار السوق، منها استحداث آليات ضبط الأسعار، ورافقت هذه الوضعية ندرة مادة حليب الأكياس الذي يشكل غذاء أساسيا للأسر البسيطة، في ظل استمرار الأزمة إلى يومنا، في وقت ماتزال وزارة الفلاحة تطل علينا في كل مرة بالإعلان عن إستراتيجية جديدة لتوفير هذه المادة، دون أن تظهر نتائجها على أرض الواقع.
كما كانت الحرب التي شنتها مصالح البلديات على الأسواق الموازية من الأسباب الأساسية لزيادة حالة الغضب، وقد كان الغرض من الإجراء الحد من اتساع رقعة النشاط التجاري غير الموازي، غير أن عدم مصاحبتها بإجراءات أخرى لاستيعاب الآلاف من الشباب البطال، نتج عنه تراكمات غير مطمئنة، عبر عنها الشباب بالخروج إلى الشارع وإضرام النيران، وتحطيم كل ما هو في طريقهم، دون التفريق بين ما هو ملك للدولة وما هو ملك لمواطنين مثلهم .
ولم يتوقف الخبازون طيلة الأشهر الماضية عن التلويح ببروز أزمة خبز بسبب ندرة الفرينة وارتفاع أسعارها في أسواق الجملة، ويضاف إلى ذلك ندرة الأدوية الضرورية على مستوى الصيدليات، منها تلك الموجهة لمرضى السرطان والأمراض المزمنة، فضلا عن استمرار احتجاجات العمال عبر قطاعات مختلفة للمطالبة بتحسين الرواتب ورفع القدرة الشرائية، وكذا الإفراج عن المنح والتعويضات، إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة التي تقدرها جهات حكومية بما لا يقل عن 12 في المائة .
وقد أدت كل تلك التراكمات إلى شحذ الشارع، وخروج شباب لا تؤطرهم لا جمعيات ولا أحزاب ولا تنظيمات، تبنوا لغة التهديم والتكسير للتعبير عن وضعية طال أمدها .