المفسرون من الصحابة
اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير- رضي الله عنهم أجمعين- أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة نزرة جداً، وكان السبب في ذلك تقدم وفاتهم
وهناك من تكلم في التفسير من الصحابة غير هؤلاء: كأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعائشة- رضي الله عنهم- غير أن ما نقل عنهم في التفسير قليل
وفيما يلي نعرّف بثلاثة من أشهر المفسرين المكثرين من الصحابة وهم:
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ترجمته: هو علي بن أبي طالب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها، أول من آمن به من قرابته، اشتهر باسمه وبكنيته (أبو الحسن وأبو تراب) وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
ولد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين وتربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد معه المشاهد كلها إلاّ غزوة تبوك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَلفه على أهله، وقال له: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي
مبلغه من العلم: كان رضي الله عنه بحراً في العلم جمع إلى مهارته في القضاء والفتوى علمه بكتاب الله وفهمه لأسراره وخفي معانيه فكان أعلم الصحابة بمواقع التنزيل ومعرفة التأويل، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن.
واشتهر بالفصاحة والبلاغة والبيان والفتيا وحل المشكلات حتى قيل فيه قضية ولا أباحسن لها قال سعيد بن جبير: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به، وقال أيضاً: "ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب " .
عن أبي الطفيل قال: "شهدت علياً يخطب ويقول: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلاّ أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، والله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل، أم في جبل".
وفاته: كانت وفاته رضي الله عنه في الكوفة ليلة السابع عشر من رمضان سنة أربعين من الهجرة رضي الله عنه ، مقتولاً بيد عبد الرحمن بن ملجم وعمره ثلاث وستون سنة.
أهم الطرق عن علي رضي الله عنه في التفسير:
1- طريق هشام عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي، طريق صحيحة يخرج منها البخاري وغيره.
2- طريق ابن أبي الحسن عن أبي الطفيل عن علي، وهذه طريق صحيحة يخرج منها ابن عيينة في تفسيره.
3- طريق الزهري عن علي زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه علي وهذه الطرق صحيحة
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
ترجمته: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، وأمه: أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية، وهو ابن عم رسول الله كما ولد قبل الهجرة بثلاث سنين والنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته بالشعب بمكة فأتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحَنَكه بريقه، لازم النبي صلى الله عليه وسلم .
مبلغه من العلم: كان رضي الله عنه في بيت النبوة فكان يسمع منه الشيء الكثير وضمه صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: "اللهم علمه الكتاب" ، وقال له حين وضع له وضوءه: "اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل " . فكان لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم أثراً في علمه وكان على درجة عظيمة من الاجتهاد والمعرفة بمعاني كتاب الله، ولقب بحبر هذه الأمة، ولذا انتهت إليه الرياسة في الفتوى والتفسير.
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوه إلى مجالسه ويأخذ بقوله وكان يقول له: "إنك لأصبح فتياننا وجهاً، وأحسنهم خلقاً، وأفقهِهم في كتاب الله " وقال في شأنه: "ذاكم فتى الكهول، إن له لساناً سئولا وقلباً عقولاً".
قال فيه ابن مسعود رضي الله عنه: "نعم ترجمان القرآن ابن عباس ".
وقال ابن عمر رضي الله عنهما لسائل سأله عن آية: انطلق إلى ابن عباس فأسأله فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال فيه عطاء: ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس فقهاً وأعظم
خشية، إن أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده يصدرهم كلهم من واد واسع.
وفاته: توفي رضي الله عنه في الطائف سنة ثمان وستين للهجرة وهو ابن سبعين سنة