الدولة الطاهرية205-259هـ/821-873م
قامت هذه الدولة فى خراسان، وقد أسسها طاهر بن الحسين أحد كبار قواد الجيش فى عهد الخليفة المأمون.
ولكن كيف يتسنى له أن يقيم دولة والدولة العباسية فى أول عهدها، وفى عصر المأمون الذى يعد العصر الذهبى للدولة العباسية؟!
إن لقيام هذه الدولة قصة، فقد كان لإقليم خراسان وضع خاص فى الدولة
العباسية منذ نشأتها، إذ كان هؤلاء الخراسانيون-كما علمتَ فى قيام الدولة
العباسية-يشعرون بأنهم أصحاب فضل على الدولة العباسية، وبأن سيدهم "أبا
مسلم الخراساني" هو المؤسس الأكبر لهذه الدولة، ورغم ذلك لم يحسن العباسيون
جزاءهم حين قتل المنصور أبا مسلم.
والواقع أن الخلافة العباسية كانت تتجاوز كثيرًا عن الخراسانيين، وتحاول
إرضاءهم؛ اعترافًا بفضلهم على الدولة. وفى عصر المأمون، كان طاهر بن الحسين
وابنه عبد الله من كبار رجال الدولة وخيرة قادتها فى ذلك الوقت؛ الذى بدأ
فيه الصراع بين الأمين والمأمون.
ولقد وقف طاهر بن الحسين إلى جوار المأمون فى كثير من المواقف الحرجة حتى
تمكن من الخلافة. ولم يمرَّ إلا عامان حتى أقدم "طاهر بن الحسين" على خطوة
جريئة فى سنة 207هـ/ 823م. أتدرى ما هي؟ لقد قطع الدعاء فى الخطبة للمأمون،
وكان قطع الدعاء يعنى الاستقلال عن الخلافة.
ولكن يشاء الله أن يموت طاهر فى العام نفسه، ترى هل تعود الدولة الطاهرية إلى الدولة العباسية بعد موت مؤسسها؟
لقد تولى ابنه طلحة بعد أبيه بأمر من الخليفة المأمون، وظل الطاهريون
يحكمون خراسان، ولكنهم يتبعون "الدولة العباسية" تبعية اسمية مما جعل
الخلافة العباسية تلجأ إلى الطاهريين، تلتمس منهم المؤازرة والمساندة ضد
الخارجين على سلطانهم.
لقد حارب عبدُالله بن طاهر نصرَ بن شبث حين قام بثورة فى شمال حلب سنة
209هـ، وأتى به أسيرًا إلى المأمون. وظل الطاهريون على ولائهم للعباسيين
حيث اشترك عبد الله بن طاهر فى إخماد فتنة وقعت فى عهد المعتصم بطبرستان،
وهكذا استقل الطاهريون استقلالا داخليا هادئًا فى خراسان، وظلوا يتولون
أمرها، ويتوارثون الإمارة فيها، ولم يمنعهم استقلالهم من مساندة الخلافة
العباسية، ومساعدتها فى كل ما واجهته من فتن وثورات.
ولكن عندما جاءت سنة 259هـ/ 873م، استطاع يعقوب الصفار أن يقيم دولته على أنقاض دولة الطاهريين.
الدولة الأيوبـية567-648هـ/ 1172-1250م
يعتبر صلاح الدين يوسف بن أيوب هو المؤسس الحقيقي للدولة الأيوبية، وذلك
بعد أن عُيِّن وزيرًا للخليفة الفاطمي ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود،
فعمل صلاح الدين على أن تكون كل السلطات في مصر تحت يده، وأصبح هو المتصرف
في الأمور، وأعاد لمصر التبعية للدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة
الفاطمي ودعا للخليفة العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب
السني.
التوجه إلى النوبة:
ومما يذكر أن نور الدين محمود -الذي بعث أسد الدين شيركوه وصلاح الدين إلى
مصر- ما زال حيّا، وكان صلاح الدين خائفًا أن يحاربه نور الدين، ففكر لأجل
ذلك أن ينظر مكانًا آخر يقيم عليه دولة له، فبدأ صلاح الدين مبكرًا في
إرسال بعض خاصته يستطلعون الأحوال في بلاد النوبة واليمن وبرقة.
أما النوبة فكان يحكمها قبيلة الكنوز التابعة للفاطميين فأرسل صلاح الدين
أخاه تورانشاه، وعينَّه على "قوص" و"أسوان" و"عذاب" و"النوبة"، ولما استدعى
صلاح الدين أخاه إلى القاهرة أناب تورانشاه عنه رجلا من نوابه وزوده بقوة
عسكرية.
وفاة نور الدين:
أما برقة، فإن الفرصة لم تدع لأولئك -الذين بعثهم صلاح الدين لاستكشاف
الأمر- أن يصنعوا شيئًا ذا بال؛ لأن نور الدين محمود قد توفي في شوال سنة
569هـ، وبدأ الأمر يستقر لصلاح الدين، وبدأ يعمل على توحيد الدولة الأيوبية
وحماية أركانها في مصر والشام.
امتداد الدولة:
بالفعل، بدأ صلاح الدين التوجه إلى بلاد الشام بعد وفاة نور الدين، فدخل
دمشق، ثم استولى منها علىحمص، ثم حلب، وبذا أصبح صلاح الدين سلطانًا على
مصر والشام. ثم عاد إلى مصر وبدأ الإصلاحات الداخلية، وخاصة في القاهرة
والإسكندرية، ثم سافر إلى الشام؛ ليبدأ ما كان قد بدأه من قبل، وهو جهاده
المشرق ضد الصليبيين.
وكانت دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد الحجاز؛ حيث قام صلاح الدين بتحصين
جنوب فلسطين، والاستعداد لأي أمر يقوم به أرناط صاحب قلعة الكرك، والذي
كان يدبر للهجوم على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وكان صلاح الدين قد
اعتني بميناء القلزم وميناء جدة، لأن أرناط كان قد عمَّر أسطولا في ميناء
أَيْلَة أو العقبة، وأرسل سفنًا بلغت عِيذاب، فاستولى صلاح الدين على أيلة،
وأخذ منها أسرى من الصليبيين، وكذلك قبض رجاله على بعض الصليبيين الذين
وصلوا إلى عيذاب، وأرسلوا جميعًا مصفَّدين بالأغلال، حيث ذُبحوا مع الهدي
الذي أهداه الحجاج لله سبحانه في ذي الحجة سنة 578هـ ، واستولى صلاح الدين
على بيت المقدس، وقد وقع في الأسر ملك بيت المقدس، ونفر من الفرسان
الصليبيين ومن بينهم أرناط الذي لم تكد عين صلاح الدين تقع عليه حتى أمر
بقتله.
وعقب استيلاء صلاح الدين على بيت المقدس سقطت في يده كل موانئ الشام، فيما
عدا موانء إمارة طرابلس، وأنطاكية، وانتهت الحروب الصليبية بصلح الرملة بين
صلاح الدين والصليبيين.
وظل صلاح الدين رافعًا راية الجهاد حتى صعدت روحه إلى بارئها عام 589هـ بعد
أن قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل
بعضهم يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد
الصليبيين ممن يكيدون للإسلام، ولم يمنع ذلك أن كانت لهم وقفات ضد
الصليبيين، ففي الحملة الصليبية التي تعرضت لها دمياط، والتي كان يقودها
لويس التاسع، الذي وقع أسيرًا، وحبس في دار ابن لقمان في عهد الملك توران
شاه ابن نجم الدين أيوب، وبوفاة توران شاه انتهت دولة الأيوبيين.
الخريطة التي تبيين الدول المستقلة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]