أكدت دراسة فلسطينية أجريت لنيل درجة الدكتوراة في الدارسات الجغرافية والتخطيط الإقليمي والعمران, أن اللاجئون الفلسطينيون سكان المخيمات يعيشون ظروفاً صعبة وأوضاعاً قاسية منذ النكبة والهجرة عام 1948، وان المخيمات الفلسطينية ما زالت تواجه وضعاً مأساوياً منذ إنشائها، وزادت هذه المشكلة حدةً بعد حرب 1967 حين احتلت باقي أراضي فلسطين.
ونوهت الدراسة التي أعدها الطالب في رسالة الدكتوراة إياد محمد شناعة «من مخيم المغازي وسط قطاع غزة»، وتناولت «مخيمات اللاجئين في فلسطين 1950 ـ 2000 دراسة في جغرافية العمران»، ونوقشت بتاريخ 4/1/2009, في معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية في مصر «وحصل الطالب على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولي وبيت الدراسة إلى أن مساحة الأراضي التي يمتلكها الفلسطينيين قد قلصت وظلت المخيمات كما هي وتتضاعف وزاد عدد سكانها، مما زاد الوضع تعقيداً، فقد تركزت هذه الدراسة بالأساس على الجوانب والقضايا العمرانية لموضوعها».
وهدفت الدراسة إلى التعرف على قضية اللاجئين سكان المخيمات وأسباب لجوئهم، ثم مرحلة إنشاء و تأسيس المخيمات الفلسطينية في فلسطين ودراسة السمات العامة للمخيمات، ومن ثم دراسة التوزيع الجغرافي ومراحل التطور العمراني للمخيمات ودراسة سكان مجتمع المخيمات من خلال تطور نموهم وتوزيعهم الجغرافي وكثافتهم وخصائصهم الديموغرافية والخصائص الاقتصادية والاجتماعية وتم توضيح أن المخيمات تعاني كثافة سكانية عالية جدا ودراسة المباني والوحدات السكنية المأهولة وغير المأهولة في المخيمات ودراسة خصائص المسكن والتجهيزات المتوفرة في المسكن و دراسة وتحليل كثافة السكن ودراسة وتحليل استخدامات الأراضي في المخيمات.
وبينت الدراسة أن هناك أزمة سكنية فائقة جداً، وإبراز لأهم المشكلات التي يعاني منها سكان المخيمات ومن ثم دراسة لحالة مخيم رفح كنموذج لباقي المخيمات في الضفة وغزة، ودراسة مدى الاستعداد لتقبل فكرة الاندماج بين المخيمات والبيئة الحضرية المجاورة «عمرانياً» من أجل المساهمة في تطوير بيئة المخيمات، من خلال استطلاع آراء سكان المخيمات ثم دراسة لمستقبل سكان المخيمات ومن أجل تحقيق الأهداف السابقة تم وضع عددٍ من الفروض: من أهمها أن المخيمات في فلسطين لم تشهد تحسناً في أوضاعها بل هي في تراجع مستمر، وأن الأوضاع المتردية تفرض حلولاً لا يقبلها سكان المخيمات، وأن هذا البحث يهتم بدراسة الأوضاع التي تخص النواحي العمرانية والديموغرافية والتي أُغفلت في أبحاث ودراسات سابقة والتي ركزت على الجوانب السياسية والقانونية.
وأشارت الدراسة إلى أن مخيمات فلسطين تعاني من كثافة سكانية وسكنية عالية جداً وتشهد ضيقاً في مساحتها، مبينه إلى أن التقصير الدولي في دعم ميزانية الـ(أونروا) أثر على القيام بدورها في توفير احتياجات السكان، مما أدى لحرمان سكان المخيمات الفلسطينية، من إمكانية التقدم والتطوير من خلال تأهيل سكان المخيمات للتمكين من تحقيق إنسانية الإنسان اللاجئ على الأقل.
وأكدت الدراسة أن دراسة الخصائص الديموغرافية، والاجتماعية، والاقتصادية لسكان هذه المخيمات وتحديد احتياجاتهم وسبل تنميتها بالمشاركة الفاعلة من جانبهم وتوجيه انتباه القائمين على إدارة شؤون المخيمات إلى ما تحتاجه هذه المخيمات من تنمية حقيقية في الوقت الذي تمثل المخيمات رأس الحربة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حول حق عودة اللاجئين لديارهم وأملاكهم وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بذلك.
كما وخرجت الدراسة بعدة نتائج كان من بينها عدم وجود تباينات في معظم الخصائص الديموغرافية، والاجتماعية، والاقتصادية لسكان المخيمات عن بعضها البعض، ويعود السبب في ذلك إلى أن سكان المخيمات يتميزون بأنهم تقريباً يعيشون نفس الظروف، يتميز التطور والنمو العمراني للمخيمات بأنه تطور عشوائي ودون تخطيط أدى إلي وجود منظر يوحى بالتخبط وعدم التنظيم تشكل الدار النوع الأكثر شيوعا من بين مجموع المساكن المأهولة في المخيمات الفلسطينية تمتاز الطرق العامة في المخيمات بضيقها بشكل عام.
وأشارت إلى مشكلة المياه التي تظهر عادة صيفا في المخيمات، حيث أنها تتزود بالمياه عبر شبكة مياه البلديات، هناك نقص في عدد الغرف الصفية في المدارس التابعة للوكالة مما خلق ما يعرف بالكثافة الصفية، هناك عجز واضح في ميزانية الوكالة أثر على الخدمات الصحية المقدمة لسكان المخيمات، تمثل في انخفاض عدد الأطباء والممرضات وقلة الدواء في العيادات بالنسبة لعدد السكان، إن القيام بعملية الدمج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ضرورة ملحة للمخيمات من أجل تحسين ظروف اللاجئين الفلسطينيين.
وأوصت الدراسة بالتمسك بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بقضية اللاجئين الفلسطينيين وفي مقدمتها القرار الدولي 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه لا بد من التخطيط الشامل والكامل لحل مشكلة المخيمات وساكنيها من اللاجئين.
بالإضافة للعمل على زيادة مساحة المخيم وتشجيع المواطنين في المخيمات، على التوسع الأفقي والحد قدر الإمكان من التوسع العمودي، الذي خلق العديد من المشاكل، زيادة المرافق الخدماتية للاجئين كالمرافق الصحية والتعليمية والاجتماعية والترفيهية، العمل على تطوير مساكن المخيمات لإنقاذ ساكنيها من الاكتظاظ وما يترتب عليها من مشاكل صحية واجتماعية، زيادة الغرف الصفية وتحسين الوضع الصحي وتحسين الوضع المائي في المخيمات، الصيانة المستمرة للبنية التحتية في المخيمات من شوارع وزقاق وشبكة صرف صحي بما يتلاءم مع النمو السكاني والتوسع العمراني.
وقد بينت النتائج التي خلصت إليها الدراسة أن مشكلة التهجير ظاهرة فريدة من نوعها من حيث التصنيفات السكانية وهي مخيمات اللاجئين المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي بعض البلدان العربية، وتشير التقديرات لعام 2000، أن عدد اللاجئين الفلسطينيين تجاوز الـ 5 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في الشتات وفي الأراضي الفلسطينية، ففي الأراضي الفلسطينية بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين الإجمالي 1.539.947 لاجئ فلسطيني من مجموع سكان الأراضي الفلسطينية ويمثلون ما نسبته 48.8% من مجموع السكان الكلي لعام 2000 والبالغ 3.150.066، فقد بلغ عدد اللاجئين في قطاع غزة 864.538 لاجئ بنسبة 75.9% من سكان القطاع البالغ 1.138.136وفي الضفة الفلسطينية بلغ تعدادهم 675.413 لاجئ بنسبة 33.5% من مجموع سكان الضفة الفلسطينية البالغ 2.011.931، هؤلاء اللاجئون يعيشون في سبع وعشرين مخيم تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومنهم يعيشون في المدن والبلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
وأظهرت الدراسة أن ما نسبته 15.9 % من سكان الأراضي الفلسطينية يسكنون في المخيمات، و53.1% يسكنون في التجمعات الحضرية، مقابل 31.0% يسكنون التجمعات الريفية, بحيث يشير التركيب النوعي لسكان المخيمات عام 2000 إلى أن هناك 101.9 ذكر لكل مائة أنثى، أما واقع الأراضي الفلسطينية فيشير إلى أن هناك 103.3 ذكور لكل مائة أنثى.
كما بلغ معدل الخصوبة في المخيمات 6.06 مواليد، أما في الأراضي الفلسطينية فقد بلغ هذا المعدل 5.93 مواليد, وبلغ متوسط عدد المواليد الأحياء طيلة فترة الحياة الزواجية للنساء الفلسطينيات 15ـ49 سنة في المخيمات الفلسطينية 4.35 مولود حي.
وأظهرت النتائج أن معدل وفيات حديثي الولادة في المخيمات بلغت 20.1%، مقارنة بـ 15.3% في الأراضي الفلسطينية, فيما تتقارب كثيرا نسب الحالات الزواجية المختلفة في التجمعات الحضرية والريفية حيث بلغت 39.8% في كل منهما و 38.8% في المخيمات، ويعود هذا إلى امتياز الشعب الفلسطيني بتراث اجتماعي واحد خاصة وأنه يتواجد على مساحة أرض صغيرة.
وبلغ متوسط حجم الأسرة الفلسطينية في المخيمات الفلسطينية 6.6 أفراد، مقارنة بـ 6.4أفراد في الأراضي الفلسطينية, حيث تشير النتائج إلى أن 1.9% من السكان في المخيمات معاقون، هذا وقد تبين أن الإعاقة الحركية هي الأكثر انتشارا بين السكان الفلسطينيين المعاقين في المخيمات.
كما وبلغت نسبة السكان الفلسطينيون (10 سنوات فأكثر) في المخيمات الفلسطينية الحاصلين على درجة البكالوريوس فأعلى 4.3% من السكان, وصلت نسبة الذكور الذين لم ينعموا بأية سنة دراسية في المخيمات الفلسطينية حوالي 5.4%، أما نسبة الإناث فتصل إلى 20.1%.
وأشارت الدراسة إلى انه كلما ارتفعت الفئة العمرية للتلاميذ فإن نسبة التسرب من المدرسة تبدأ في الزيادة. ومن ناحية أخرى بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم في المخيمات الفلسطينية للفئة العمرية (6ـ11) سنة 98.5% ولكن تبدأ هذه النسبة بالتناقص كلما ارتفعت الفئة العمرية.
وشكل الذكور 88.6% من القوى العاملة الفلسطينية في المخيمات الفلسطينية، أما الإناث فشكلن فقط 11.4%, بينما بلغت نسبة النشيطين اقتصادياً في المخيمات الفلسطينية للسكان (15 سنة فأكثر)41.8%, وبلغت بلغت نسبة البطالة 21.5% في المخيمات الفلسطينية، أما في الأراضي الفلسطينية فقد وصلت تلك النسبة إلى 17.5%