إمارة الأقاليم أو البلاد
كانت الدولة في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تقسم إلى أقسام إدارية، ثم اتسعت في عهد الدولة الأموية، فكانت خمس ولايات، ثم اتسع نظام الحكم والإدارة في عهد الدولة العباسية، وقد استفادوا من الفرس، ولذا فقد نظر الفقهاء إلى الإمارة، فقسموها إلى قسمين ؛ عامة، وخاصة :
أولا: الإمارة العامة:
وهي: التي تختص بجميع الأمور المتعلقة بالإقليم، سواء فيما يتعلق بالأمن وحاجات الدفاع، أم بالقضاء ، وشئون الحال، وهي نوعان : إمارة استكفاء، وإمارة استيلاء.
أ- إمارة الاستكفاء:
هي التي يعقدها الإمام لشخص كفؤ عن رضا واختيار، فيعطيه جميع الصلاحيات العامة،وقد كانت هذه الإمارة منتشرة منذ عهد الراشدين، والعهد الأموي، والعصر الذهبي للدولة العباسية .
ويمارس صاحب هذه الإمارة ثمانية أعمال ؛ هي :
1- النظر في تدبير الجيوش وترتيبهم في النواحي، وتقدير أرزاق الجند، إلا إذا كان الخليفة قدرها .
2- النظر في الأحكام وتقليد القضاة والحكام .
3- جباية الخراج، وقبض الصدقات، وتقليد العمال لها، وتفويض ما استحق منها .
4- حماية الدين والدفاع عن الحرمات، وإقامة شعائر الدين، والحفاظ عليه من التزييف أو التبديل .
5- إقامة الحدود في حق الله وحقوق الآدميين.
6- الإمامة في صلاة الجمع والجماعات بنفسه، أو بالاستخلاف عليها .
7- تسهيل أداء فريضة الحج كل عام.
8- الجهاد في سبيل الله ضد الأعداء المعتدين ولا سيما في البلاد الساحلية،وتقسيم الغنائم والفيء وفقد أحكام الشريعة الغراء.
وشروط أمير الاستكفاء هي نفس الشروط المطلوبة في وزارة التفويض، ويجوز لأمير الإقليم أن يستوزر لنفسه وزير تنفيذ بإذن الخليفة، أو بغير إذن،ولكن لا يجوز أن يستوزر وزير تفويض إلا بإذن الخليفة.
إمارة الاستيلاء:
هي التي يعقدها الخليفة لأمير استولى على السلطة، فيعقدها له اضطرارًا، فيستولى هذا الأمير على أمور السياسة، والتربية، ويحتفظ الخليفة بما يتعلق بأمور الدين، وقد ظهرت هذه الإمارة في العصر العباسي الثاني .
وقد أقر الفقهاء هذه الإمارة حفاظًا على شرعية الدولة، ولكن إقرارها مشروط بما يلي:
1- الحفاظ على منصب الإمامة،وتدبير أمور الدين، وحفظ الشريعة .
2- إظهار الطاعة الدينية التي يزول معها حكم العناد والانشقاق.
3- اجتماع الكلمة على الألفة والتناصر، ليكون المسلمون يدًا على من سواهم .
4- أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة، والأحكام والأقضية، نافذة .
5- أن يكون استيفاء الأموال الشرعية بحق، تبرأ به ذمة مؤديها،ويستبيحه آخذها.
6- استيفاء حق الحدود، وأن تكون قائمة على مستحق.
7- الورع عن محارم الله.
وهذا يجوز لأمير الاستيلاء أن يعين وزير تفويض، ووزير تنفيذ.
ثانيا: الإمارة الخاصة :
وهي تتحدد فيها سلطات الأمير بصلاحيات معينة، كتدبير الجيش وساسية الرعية وحماية الإقليم،والدفاع عن المحارم،وليس له أن يتعرض للقضاء والأحكام وجباية الخراج والصدقات .
ويلاحظ أن الإمامات كانت في صدر الإسلام عامة، ثم بدأت تخصص بتوسع الدولة وتعقد الجهاز الإداري، حتى أصبحت سلطة الأمير مقصورة على قيادة الجيش وإمامة الصلاة.