الهدف من تدريس مادة المقاصد الشريعة
شرح فضيلة الشيخ:
عياض بن نامي السلمي حفظه الله
متنقاة من دروس طلب علم الشرعي
· الهدف من تدريس هذه المادة:
1- التعريف بعلم المقاصد (ماذا يعني).
2- التعريف بنشأته وتطوره والكتب المؤلفة فيه.
3- العلم بجملة كبيرة من مقاصد التشريع العامة والخاصة.
4- إذا ضم إلى ذلك مجموعة من المعارف الأخرى فسيمكنه ذلك من القدرة على الترجيح.
ملاحظة:ليس الهدف من هذه الدراسة أن يصل الطالب لمستوى استخدام هذه المقاصد في استخراج الأحكام واستنباطها (الاجتهاد) فهذه مرتبة تحتاج إلى رسوخ في العلم وإلى اطلاع كبير على علوم الشريعة الأخرى وخاصة أدلة الأحكام من الكتاب والسنة وما يتبع ذلك من تفسير لآيات الأحكام وشرح لأحاديثها وقواعد أصول الفقه واللغة العربية وجميع آلة الاجتهاد.
وإنما هذه الدراسة هي أساسيات لا بد منها لطالب العلم ليصل بعد عمر طويل إلى الاجتهاد.
· تعريف المقاصد:
- المقاصد لغة: جمع مقصد وهو اسم مكان من القصد .
- القصد لغة: الأَمُّ إلى الشيء والتوجه إليه , أو بمعنى التوسط كما في الحديث" القصد القصد تبلغوا" , كذلك بمعنى الطريق المستقيم كما في قوله تعالى "لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ" التوبة42
- المقاصد اصطلاحا: تطلق ويراد بها المعنى العام الذي يشمل مقاصد الشارع ومقاصد المكلفين. وهذا ما مشى عليه الإمام الشاطبي ولذلك لم يعرف المقاصد في كتابه الموافقات لأنه أطلقها وأراد بها معنيين مختلفين. فقال: المقاصد قسمان: مقاصد الشارع ومقاصد المكلفين ( نياتهم).
- غير الشاطبي من المتأخرين خاصة في هذا العصر عرفوا المقاصد تعريفا خاصا على أنها مقاصد الشارع وأما مقاصد المكلفين فتخص بالإضافة فيقول (مقاصد المكلفين) ولا يطلقها.
- البعض قال لا بد أن نخصص فنقول (مقاصد الشارع) ولا نطلقها.
· تعريف مقاصد الشريعة:
هي المعاني والحكم السامية التي راعاها الشارع عند تشريع الأحكام في جميع أبواب الشريعة أو بعضها.
فهناك مقاصد عامة تدخل في جميع أبواب الشرع, ومن أمثلتها : تحقيق مصالح العباد _ العدل _ رفع الحرج _ حفظ النفوس والأموال.
وهناك مقاصد خاصة بباب معين كباب الصلاة أو النكاح أو غيرهما.
· تعريف علم المقاصد (علم مقاصد الشريعة):
هو العلم بالمعاني والحكم السامية التي راعاها الشارع عند تشريع الأحكام في جميع أبواب الشريعة أو بعضها.
· ملاحظات:
1- المتقدمون من أهل العلم كانوا يدخلون علم المقاصد ضمن علم أصول الفقه بينما أفرده المتأخرون كعلما مستقلا نظرا لأهميته ونظرا لكثرة النوازل.
2- للعلماء طريقتان في تعريف العلم:
أ) تعريفه بذكر ما يحتويه من موضوعات.
مثال: تعريف علم أصول الفقه بأنه: طرق الفقه
ب) تعريفه تعريفه بأنه المعرفة بهذه الموضوعات.
مثال: تعريف علم أصول الفقه بأنه: المعرفة بطرق الفقه.
· رؤوس الموضوعات التي تدرس ضمن هذا العلم:
1- مقدمات العلم: التعريف بالعلم وتاريخه وما ألف فيه.
2- معرفة الأدلة الدالة على أن للشرع مقاصد من التشريع.
3- طرق معرفة مقاصد الشارع.
4- تقسيمات المقاصد: معرفة مراتبها ( ما الذي يقدم منها وما الذي يؤخر وما القطعي منها وما الظني..)
5- المقاصد العامة: غالبا تصاغ على شكل قواعد عامة ثم يأتي بعدها القواعد الأقل عموما وهي التي تنظم وتبين كيفية العمل بها.
6- المقاصد الخاصة بكل باب: وهذه لم تحظ باهتمام المؤلفين كثيرا لذا فينبغي أن تكون مجالا لاهتمام الباحثين.
7- الضوابط التي ينبغي معرفتها للتوصل لمعرفة الأحكام الشرعية من هذه المقاصد فيما لم يرد فيه نص صريح وفي النوازل الجديدة.
** فالفقيه العالم بمقاصد الشريعة لا ينظر نظرة جزئية فإن لم يجد للمسألة ذكر صريح في التشريع قال هي على الإباحة وإنما يتأمل في روح التشريع ومعانيه ومقاصده العامة
· الفرق بين المقاصد وأصول الفقه:
- علم المقاصد كان يدرس ضمن أصول الفقه في باب القياس حينما يتكلمون عن التعليل بالوصف المناسب... كما هو منهج الغزالي والعامدي (من تعبيراتهم: المقصود من شرع الحكم).
- كذلك كان يدرس عند الكلام عن دليل المصلحة المرسلة:
فالأصوليون يقسمون الأدلة إلى متفق عليها ومختلف فيها , ويذكرون في الأدلة المختلف فيها المصالح المرسلة فيقسمونها إلى أقسام من حيث اعتبار الشارع لها وعدمه وهل بلغت درجة الضرورة أم درجة الحاجة.
- بعد تحرير العلوم أصبح علم المقاصد علما مستقلا عن أصول الفقه نظرا لكثرة النوازل. والنوازل تكون إما بتغير الاسم وبقاء المسمى أو بقاء الاسم وعدم بقاء المعنى الذي علق الشارع عليه الحكم.
فوائد علم المقاصد:
هذا العلم يستفيد منه المسلم العادي كما يستفيد منه طالب العلم وكذلك الفقيه الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد وأيضا من بلغ درجة الاجتهاد فجميعهم يستفيد منه.... ومن فوائده:
1- من عرف مقاصد الشارع تحصل له الطمأنينة الكاملة بصلاحية وملاءمة أحكام الشرع لكل زمان ومكان.
2- عدم إغفال شيء من أحكام الشرع الثابتة الصحيحة . ومعرفة مآخذ العلماء واستدلالاتهم وطرقهم في الاجتهاد في أحكام النوازل في عصرهم فنطمئن أن فقههم كان مؤصلا وموافقا لمقاصد الشرع.
3- تحقيق النظر إلى التشريع الإسلامي باعتباره نظاما كاملا متكاملا.
4- معرفة القواعد العامة التي تعين المجتهد على استنباط الأحكام وبخاصة في النوازل بحيث يكون حكمه مطابقا لمقصود الشارع.
5- تمكن الفقيه من النظر الصحيح في أحكام النوازل. ومن لم يصل لدرجة الاجتهاد قد يصل لدرجة الترجيح عند تعارض الأقوال لديه إن كان ملما بمقاصد الشارع.
6- تمكن الفقيه من المزاوجة والمؤاخاة بين العقل والنقل بحيث لا يطغى جانب على جانب. لذلك ألف ابن تيمية رحمه الله: درء تعارض العقل والنقل حيث كان متضلعا في علم المقاصد.
انتهى