أعلنت السلطات الجزائرية حالة تأهب قصوى تحسّبا لأي طارئ في ظل الأحداث التي تشهدها ليبيا، في حين كشفت مصادر للجزيرة نت عن فرار مئات المساجين الجزائريين من سجون ليبيا. ويأتي ذلك في وقت أدانت فيه القوى السياسية بالجزائر وبشدّة ما يرتكب من قتل للمدنيين في المدن الليبية.
وذكرت مصادر للجزيرة نت أن مئات المساجين الجزائريين فرّوا مساء أمس نحو مناطق حدودية بالجزائر رفقة العشرات من المواطنين الليبيين الذين دفعتهم الاضطرابات للاحتماء ببعض القبائل الصحراوية.
وأضافت المصادر أن قبائل تقطن في عمق الصحراء بالجنوب الشرقي من الجزائر نصبت خياما لاستقبال السجناء الفارين من سجن "الكويفة" بمدينة بنغازي الليبية.
كما منح الجانب الجزائري حرية كبيرة لتحرك المواطنين في صحراء الجنوب الشرقي بحكم علاقة المصاهرة والعمل التي تربط القبائل في الصحراء الجزائرية مع نظرائهم الليبيين.
وفي المقابل سارعت مصالح الأمن والجمارك الليبية لمنع دخول الجزائريين نحو أراضيها عبر البوابات الحدودية بالجنوب الشرقي، مشترطة الحصول على تأشيرة مسبقة من قبل السفارة الليبية بالجزائر العاصمة، وهو الإجراء الذي لم يكن معمولا به في السابق.
تنديد
وفي سياق متصل أعلنت الخارجية الجزائرية في بيان لها أنها تجري اتصالات مكثّفة مع سفارة الجزائر وقنصلياتها بليبيا بقصد الاطلاع على وضعية الرعايا الجزائريين الموجودين هناك، وأشارت ذات الجهة إلى أنها اتخذت إجراءات عاجلة لتسهيل عودة الجزائريين الموجودين في ليبيا.
أما القوى السياسية والمنظمات الحقوقية بالجزائر فقد ندّدت وبشدّة بما يحدث في ليبيا، ودعت الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان لوقفة احتجاجية غدا الأربعاء أمام السفارة الليبية بالجزائر.
وقالت في بيان لها "إن الرابطة تناشد مؤسسات المجتمع المدني الدولي وآليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان التحرك العاجل من أجل حماية الشعب الليبي".
وعبرت حركة مجتمع السلم (حمس) في بيان عن "استنكارها لما يحدث من مجازر في حق الشعب الليبي"، معلنة تبنّيها لموقف رابطة علماء أهل السنة بليبيا والمتضمن إيقاف الكتائب الخاصة التي تطلق الرصاص على المتظاهرين وتقديمهم للمحاكمة مع الإفراج الفوري عن كل المعتقلين واحترام حق الشعب في التعبير عن إرادته سلميا.
كما وصفت حركة الإصلاح الوطني ما يجري في ليبيا "بالإرهاب الوحشي الذي يمارسه نظام دكتاتوري ضد مدنيين عزل"، وطالبت بمحاكمة القذافي وزمرته بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وممارسة الإبادة الجماعية".
تحركات
على صعيد التحركات السياسية داخل الجزائر تسعى القوى السياسية هذه الأيام لتكثيف ضغوطها على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قبل الخطاب الذي يستعد لإلقائه في الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين.
وفي هذا الصدد ثمّن زعيم حزب جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس) حسين آيت أحمد المبادرة التي قدمها الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري إلى بوتفليقة مؤخرا والمتضمنة رؤية للإصلاح عبر تحليل عميق ودقيق للوضع السياسي في البلاد.
وقالت الأمانة الوطنية للأفافاس المعارض في بيان أمس الاثنين إن آيت أحمد كشف عن "وثيقة جديدة" مشابهة سيعلن عنها قريبا تتضمن تحليلا معمقا ومقترحات للإصلاح الجذري في البلاد".
أما متزعمو "المبادرة الشرعية للمصالحة"، فقد دعوا في نداء موقع باسم عدد من أعضائها بوتفليقة لترقية ميثاق السلم والمصالحة إلى عفو شامل يتضمن الإفراج عن جميع المساجين الذين أدانهم القضاء بتهمة الإرهاب مع إقالة الحكومة وإلغاء فوري لحالة الطوارئ.
من جانبها وجهت حركة مجتمع السلم دعوات للمشاركة في ندوة تعقد غدا وتناقش خمسة تساؤلات رئيسية يأتي في مقدمتها حالة الغليان التي يعيشها الشباب الجزائري والعنف الاجتماعي المتفشي في أوساط المجتمع ودراسة أبعاد ودلالات احتجاج السكر والزيت الشهر الماضي.
وطالبت حمس الرئيس بوتفليقة بالإسراع في إجراء إصلاحات عاجلة لإرجاع الثقة للمواطن الجزائري الذي يخرج يوميا في حركات احتجاجية مختلفة.
أما "التحالف الوطني للتغيير" الذي يضم عددا من القوى السياسية والشخصيات الوطنية فقد دخل اليوم في اجتماعات ماراثونية بقصد الاتفاق على ورقة عملية لتحرك ميداني لتجسيد "التغيير في الجزائر" والإعلان عن ما أسموه "ميثاق التحالف من أجل الحريات والحقوق والديمقراطية" والتحضير للندوة الوطنية المخصصة لهذا الغرض والتي ستعقد في الأيام القليلة القادمة.