قالت مصادر متطابقة للجزيرة والجزيرة نت إن العاصمة الليبية تخضع لحصار أمني محكم من قبل مليشيات أمنية ومرتزقة أجانب موالين لنظام العقيد معمر القذافي لمنع وصول محتجين من مدن أخرى تحركوا لدعم المتظاهرين في طرابلس المطالبين بإسقاط القذافي. وقد دعا تنظيم ليبي المحتجين إلى خوض مواجهة حاسمة ونهائية مع النظام. وسط أنباء عن سقوط مئات القتلى جراء استعمال سلطات القذافي العنف لقمع المتظاهرين بأنحاء البلاد.
ووصف شاهد عيان من طرابلس للجزيرة نت الوضع بالمدينة بالمخيف في ظل محاصرة مليشيات أمنية ومرتزقة موالين للقذافي العاصمة من جميع جهاتها لمنع دخول إمدادات للمحتجين من مدن ليبية أخرى لإغاثة سكان المدينة من قمع السلطات.
وأكد الشاهد في اتصال هاتفي أن "الثوار في طرابلس عزل لا يملكون شيئا ويتعرضون لعمليات قتل من مجموعات المرتزقة الأجانب (الأفارقة) المنتشرين في شوارع المدينة ناشرين رائحة الموت والدمار".
ووجه نداء استغاثة باسم أهالي طرابلس إلى بقية المدن لإغاثة طرابلس من "بطش السلطات"، كما طالب الجيش بالانقلاب على القذافي لإنقاذ الشعب.
وفي تطور خطير للتعامل مع المتظاهرين استعملت السلطات الليبية الطائرات في مناطق متفرقة من العاصمة طرابلس أمس في محاولة وصفت باليائسة لاحتواء حركة الاحتجاجات.
قصف بالطائرات
ووفق شهود عيان في طرابلس فإنه تم اللجوء للطائرات لقمع المتظاهرين في عدة مناطق من العاصمة أمس، وأشاروا إلى أن مرتزقة أجانب يواصلون إطلاق النار على المدنيين في المدينة.
وقال شاهد عيان للجزيرة إن طرابلس محاصرة حاليا، وهناك من يوصفون بأنهم مرتزقة أفارقة يجوبون الشوارع في سيارات مصفحة ويطلقون النار عشوائيا على المدنيين وحتى على طواقم الإسعاف.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شهود قولهم إن مذبحة وقعت في حييْ فَشلوم وتاجوراء. وقال شهود من تاجوراء بمنطقة شرقي طرابلس للجزيرة إن جثث القتلى منتشرة في الشوارع إضافة إلى الجرحى.
وقال شاهد عيان من طرابلس للجزيرة في وقت سابق إن أكثر من 250 مدنيا قتلوا في قصف شنه الطيران الحربي على أحياء سكنية ومشيعين في المدينة.
وذكر المدير التنفيذي للتحالف الدولي لملاحقة مجرمي الحرب الدكتور لؤي ديب أن عدد القتلى في أنحاء ليبيا حتى أمس الأول بلغ أكثر من 519 إضافة إلى أكثر من ثلاثة آلاف جريح ومئات المفقودين.
وقد تبين للجزيرة -بعد أن تمكنت من الوصول إلى مصادرها الموثوقة في طرابلس- أن مروحيات عسكرية ليبية أطلقت نيران رشاشاتها في حيي فشلوم وجادَةِ عمر المختار، الشارع الرئيسي وسط طرابلس، بعدما أطلقت قنابل مسيلة للدموع في تلك المناطق.
وأوضحت مصادر الجزيرة أن المليشيات الأمنية والمرتزقة كانت تتجول في شوارع طرابلس وتطلق الرصاص الحي على متظاهرين يطالبون بسقوط نظام العقيد القذافي.
وقد تمكنت الجزيرة من توثيق المعلومات عن استخدام سلاح الجو الليبي في قصف مواقع عسكرية في محيط العاصمة الليبية، يقول مسؤولون ليبيون إنها مخازن للأسلحة والذخائر.
وتفيد مصادر الجزيرة بأن قصف الطيران الحربي الليبي استهدف أيضا مدرجات المطارات ومقار عسكرية وأمنية في مدن ليبية أخرى بينها بنغازي والبيضاء.
وفي سياق المواجهات الدامية أكد قاسم ناجعة المقدم الطيار الذي انشق عن النظام الليبي في حديث للجزيرة، أن ضباطا في الجيش طلبوا من القذافي التنحي، لكن جوابه كان بأنه لن يسلم إلا أرضا محروقة.
وأضاف المقدم أن الضباط الذين لم ينصاعوا لأوامره قد صُفّوا. مشيرا إلى أن مرتزقة في بنغازي أقروا بأنهم قبضوا أموالا لقاء قتل المدنيين.
وفي الإطار كشف مصدر في النيابة العامة بمدينة بنغازي عن اعتقال مجموعة من المرتزقة جرى التحقيق معهم بحضور محامين ليبيين. وقال المصدر -الذي لم يكشف عن هويته- إنه تم العثور على جوازات سفر في كتيبة الفضيل بو عمر تعود لجنسيات أفريقية مختلفة، لا يعرف سبب وجودها ولا يُعرف أين أصحابها؟
تحرك المدن
وردا على ما يحدث في طرابلس قال نشطاء وشهود في مدينتي بنغازي والبيضاء شرقي ليبيا للجزيرة إن أعدادا من المتظاهرين بدأت بالتحرك إلى العاصمة الليبية لدعم أهلها لإسقاط القذافي.
وقال الناشط عبد الله الفيتوري من بنغازي للجزيرة إن متظاهرين والعديد من الضباط يحاولون الالتحام بجماهير طرابلس عبر طرق فرعية خوفا من وجود مرتزقة في الطريق إلى العاصمة، مشيرا إلى أنه تم تشكيل مجلس عسكري محلي لإدارة الأمور في بنغازي.
كما قال المحامي فرج البرعصي من البيضاء إن "الثوار" يسيطرون على المدينة بالكامل، مؤكدا أن شباب مدينة البيضاء يستعدون للتوجه إلى طرابلس لنصرة أهلها.
وفي شرقي البلاد علمت الجزيرة نت أن الثوار يديرون إذاعات كل من بنغازي والبيضاء ودرنة وأجدابيا، ويبثون منها بيانات مؤيدة للثورة وأغاني وطنية وتوجيه الشباب لحماية المؤسسات العامة والحفاظ على النظام العام.
وإلى جانب مدينة بنغازي أصبح المحتجون يسيطرون على مدن أخرى منها طبرق ومصراتة وخمس وترهونة والزاوية وزوارة القريبة من العاصمة ليبيا.
مواجهة نهائية
وفي تصعيد للاحتجاج قالت هيئة ليبية تسمي نفسها "لجنة التنسيق الوطني" إنه إذا تعاونت الأسرة الدولية بفرض حظر جوي على ليبيا تكون قد حانت ساعة الصفر لتطهير البلاد من هذا النظام المجرم، ودعت سكان طرابلس للخروج والتوجه نحو معسكر باب العزيزية للمواجهة النهائية مع النظام الحاكم.
كما أهابت اللجنة في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه بـ"الضباط والجنود الذين انحازوا إلى صفوف الشعب في مقاومة هذا النظام الغاشم أن يتقدموا الصفوف ويقودوا عملية اقتحام معسكر باب العزيزية لاجتثاث بقايا النظام المجرم".
وفي هذا الصدد قال الناشط سعيد عيسى من طرابلس إن أحد لواءات الجيش نفذ أمس الاثنين محاولة لقلب النظام لكنها باءت بالفشل، فيما قال الناشط المنتصر زيدان إنه تم اعتقال اللواء عبد الرحمن الصيد وقطع الاتصال به.
ودعت اللجنة سكان طرابلس إلى تضييق الشوارع على آليات الدمار المتحركة في المدينة وذلك بوضع عراقيل في الشوارع لمنع تحركها وشل حركتها، وحثتهم على التناوش مع آليات الدمار كل في منطقته بالكر والفر.
وناشدت اللجنة كل من يستطيع القدوم إلى طرابلس من المدن المجاورة لفك الحصار عن مداخل المدينة فليفعل.
ويأتي ذلك بعد تواتر أنباء عن صدور بيان لضباط في الجيش الليبي دعوا فيه أفراده للانضمام إلى الشعب والزحف على طرابلس لإزاحة معمر القذافي.
وفي خضم تلك التطورات المتلاحقة، عرض التلفزيون الليبي كلمة مقتضبة -استمرت حوالي 23 ثانية- ذكر أنها مباشرة للزعيم الليبي معمر القذافي وهو تحت المطر، ليعلن أنه في ليبيا وليس في فنزويلا كما تقول الشائعات المغرضة، على حد تعبيره.
المصدر: الجزيرة