خالد بن محمد فوزي العظم (1903-1965) كان زعيما وطنيا سوريا ولد في دمشق، ورئيسا للوزراء ست مرات، كما كان رئيسا بالنيابة (4 أبريل- 16 سبتمبر 1941). كان عضوا في واحدة من أبرز العائلات السياسية في سوريا وهي عائلة العظم، وابنا للوزير العثماني للشؤون الدينية.
سيرته
تخرج من جامعة دمشق عام 1923 م في مجال القانون، وانضم إلى حكومة المدينة في عام 1925 م. في هذا الوقت أدار أملاك عائلته في جميع أنحاء البلاد. وفي العقد 1930، أصبح من المقربين إلى كبار أعضاء الكتلة الإتلافية المناهضة للفرنسيين، مثل الرئيس هاشم الأتاسي و شكري القوتلي. وقد بقي وقتا طويلا من المؤيدين لهاشم الأتاسي، ومتعارضا مع شكري القوتلي، الذي اتهمه بأنه سلطوي جدا. وقد عينه الانتداب الفرنسي في عام 1941 م رئيسا للوزراء ورئيسا بالنيابة، بعد عدم نجاحها في العثور على مرشح رئاسي منذ استقالة الأتاسي في عام 1939 م. وقد استبدل لاحقا بعد 5 أشهر بتاج الدين الحسيني الموالي لفرنسا.
عمل خالد العظم مرارا في البرلمان ومجلس الوزراء في الفترة 1943-1947. أصبح محورا للمعارضة عندما استقال من الحكومة في عام 1945 وقاد الحملة المعارضة لتعديل شكري القوتلي للدستور كي يسمح لنفسه بفترة رئاسية ثانية. فاز القوتلي، ونافسه خالد العظم في عام 1947 وخسر. بيد أنه قبل منصب السفير في فرنسا، وعمل بهذه الصفة لمدة عام. ونجح في إبرام صفقة شراء الأسلحة من فرنسا و في وقت لاحق من الاتحاد السوفياتي.
في مايو 1948 وافق على تشكيل حكومة متعددة الاحزاب تحت حكم القوتلي الذي بقي حتى مارس 1949. تحالف مع فرنسا والولايات المتحدة محاولا الحصول على قروض من أجل التنمية المحلية. سافر كثيرا لحضور اجتماعات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية. تصادم العظم مع أفراد من الجيش، ولا سيما رئيس هيئة الأركان حسني الزعيم.
قام الأخير بانقلاب في 29 مارس 1949، وسجن كلا من خالد العظم والرئيس شكري القوتلي. عندما اطيح بحسني الزعيم بعد خمسة أشهر، عاد خالد العظم إلى البرلمان كنائب عن دمشق، وأصبح وزير للمالية. كما انتخاب في الجمعية التأسيسية التي صاغت دستور جديد لسوريا.
أصبح رئيسا للوزراء من جديد تحت حكم هاشم الأتاسي الثاني، في يونيو 1950. أغلق العظم الحدود في وجه السلع اللبنانية في محاولة لمنع سقوط الصناعة المحلية نتيجة لتفشي الواردات اللبنانية.
كما تصادم مرارا مع الجيش لأنه رفض تعيين الضباط في أي من وزاراته، وحفظ دائما حقيبة الدفاع إلى نفسه. كما تصادم مع العناصر المؤيدة لنظام هاشم الأتاسي في الحياة السياسية السورية التي تدعو إلى الوحدة مع العراق.
انعدمت ثقة الاشتراكيين فيه بسبب خلفيته الأرستقراطية الغنية والعثمانية. ترك خالد العظم المجال السياسي في عام 1951 حتى عام 1954 احتجاجا على انقلاب أديب الشيشكلي الذي أطاح بحكم الأتاسي الديمقراطي.
معارضته للوحدة مع مصر
بعد الإطاحة بالشيشكلي، خسر العظم مقابل شكري القوتلي في الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 1955. تقاعد عندها لفترة وجيزة، ثم عاد مرة أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر 1956 ليدخل في التشكيلة الحكومية لصبري العسلي كوزير للدفاع. لعب العظم دورا رئيسيا في تحقيق التحالف مع الاتحاد السوفياتي، وسافر مرارا وتكرارا لترتيب القروض والاتفاقات الاقتصادية وصفقات الأسلحة، مما أثار غضب الولايات المتحدة، حيث لقب بـ "المليونير الأحمر". وقد اعتمدت الصحافة السورية هذا اللقب خلال فترة الخمسينيات. ولأنه لم يكن اشتراكياً، بل معارضاً في واقع الأمر لدعوات الاشتراكية في الوطن العربي، فقد عارض بدون جدوى الوحدة مع مصر في عام 1958 التي أدت إلى إعلان الجمهورية العربية المتحدة، مبينا أن عبد الناصر من شأنه أن يدمر النظام الديمقراطي واقتصاد السوق الحرة في سورية. اعتزل العظم الحياة السياسية خلال فترة الاتحاد وهاجر إلى لبنان 1958-1961.
الاضطراب العسكري
عندما حصل الانفصال، عاد إلى سورية، وساعد في صياغة وثيقة الانفصال بنفسه، وحاول خوض انتخابات الرئاسة ولكن الجيش رفض ترشيحه. انتخب ناظم القدسي، وعاد العظم إلى البرلمان كنائب عن دمشق. يوم 28 مارس 1962، أطاح انقلاب آخر بالنظام، وسجن القدسي والعظم. وفي 2 أبريل أطلق انقلاب مضاد سراحهم، وأصبح العظم رئيسا للوزراء من جديد تحت حكم القدسي. تحالف الرجلان مع الرئيس السابق شكري القوتلي لتخليص الجيش من الناصريين، وعكس مشروع التأميم الذي وضعه جمال عبد الناصر عندما كان رئيسا للجمهورية العربية المتحدة. وقبل تحقيق ذلك، جاء حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في سورية في مارس 1963 وهرب كل من العظم والقدسي إلى المنفى.
وفاته
انتقل خالد العظم نهائيا إلى بيروت، حيث عاش في ظروف مادية صعبة، واستملك حزب البعث على أملاكه في سورية. وتوفي هناك ودفن يوم 18 نوفمبر 1965. نشرت مذكراته لاحقا في عام 1973.
وورد في كتاب الأعلام للزركلي أن زوجته باعت مذكراته بعد وفاته، ويقال إنه دخلها تحريف وتبديل، ونشر بعضها متسلسلا في جريدة النهار. ثم نشرت كاملة في كتاب