من القرآن:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22-23].
ماذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
• عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – ((أنَّ رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أَصِلُهُمْ ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُمُ المل، ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك))؛ رواه مُسْلِمٌ.
• وعن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قال: ((مَنْ أحَبَّ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ له في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))؛ متفق عَلَيْهِ.
• وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قال: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها))؛ رواه الْبُخَارِيُّ.
• وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قال: ((الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله اللَّه، ومن قطعني قطعه الله))؛ متفق عَلَيْهِ.
والأحاديث في هذا الباب كثيرة....
أحلى ما قال السلف:
• علي بن الحسين:
- أنه قال لولده: يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواضع.
- المقنع الكندي: (مُبيِّنًا نَهْجَهُ في التعامل مع أقاربه)
يعاتبني في الدين قومي وإنما ديوني في أشياء تكسبهم حَمْداً
أسُدُّ به ما قد أخلوا وضيعوا حقوق ثغور ما أطاقوا لها سداً
و لي جفنة لا يغلق الباب دونها مكللة لحماً مدفقة ثرداً
ولي فرس نهد عتيق جعلته حجاباً لبيتي ثم أخدمته عبداً
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جداً
إذا أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم وإن هُمْ هَووا غيِّي هويتُ لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هُمُ دَعَوْني إلى نصر أتيتُهم شداً
وإن زجروا طيراً بنحس يمر بي زجرت لهم طيراً يمر بهم سَعْداً
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيسُ القوم من يحملُ الحقدا
لهم جلُّ مالي إنْ تتابع لي غنى وإن قلَّ مالي لم أكلفهم رفداً
وإني لعبد الضيف ما دام نازلاً وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا
درس اليوم
صلة الرحم..... وجدي غنيم
http://media.islamway.com/lessons/wagdy//silatrahim.rm
صلة الرحم... تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم
لقد أمر الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر عن قطيعتهم والإساءة إليهم، وعدَّ صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين، ومُصْلٍ للمسيئين لأرحامهم بنار الجحيم.
وعلى الرغم من وصية الله ورسوله بالأقارب، وعدِّ الإسلام صلة الرحم من الحقوق العشرة التي أمر الله بها أن توصل إلا أن جلّ المسلمين أضاعوا هذا الحق مثل إضاعتهم لغيره من الحقوق، أو أشد، مما جعل الحقد، والبغضاء، والشحناء، تحل محل الألفة، والمحبة، والرحمة، بين أقرب الأقربين وبين الأخوة في الدين على حد سواء.
• تعريف صلة الرحم:
الصلة: الوصل، وهو ضد القطع، ويكون الوصل بالمعاملة نحو السلام، وطلاقة الوجه، والبشاشة، والزيارة، وبالمال، ونحوها.
الرحم: اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى قصر الرحم على المحارم، بل ومنهم من قصرها على الوارثين منهم، وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله، والراجح الأول.
• حكم صلة الرحم وقطعها:
صلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة، ومن الكبائر.
قال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة).
وقال ابن عابدين الحنفي: (صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل).
• فضل وثواب واصل الرحم في الدنيا والآخرة:
لقد وعد الله ورسوله واصل الرحم بالفضل العظيم، والأجر الكبير، والثواب الجزيل، من ذلك:
أولاً: في الدنيا:
1- فهو موصول بالله تعالى في الدنيا والآخرة.
2- يُبسط له في رزقه.
3- يُنسأ له في أجله – أن يزاد في عمره بسبب صلته لرحمه.
4- تعمر داره.
5- صلة الرحم تدفع عن صاحبها ميتة السوء.
6- يحبه الله.
7- يحبه أهله.
ثانياً: في الآخرة:
صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة مع أول الداخلين، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم".
• عقوبة وَوِزْر قاطع الرحم في الدنيا والآخرة:
أولاً: في الدنيا:
1- لا يرفع له عمل ولا يقبله الله.
2- لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع.
3- تعجيل العقوبة للعاق في الدنيا قبل الآخرة.
4- أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم.
ثانياً: في الآخرة:
1- لا يدخل الجنة مع أول الداخلين.
2- لا تفتح له أبواب الجنة أولاً.
3- يدخر له من العذاب يوم القيامة مع تعجيل العقوبة في الدنيا إن لم يتب أويتغمده الله برحمته.
4- يُسف المَلّ، وهو الرماد الحار.
وأخيـراً اعلم أيها الأخ الكريم أن العبرة بسلامة الصدر، وتقارب القلوب، ونقاء الطوية والسريرة، ولله در ابن عباس حين قال: "قد تقطع الرحم، وقد تكفر النعمة، ولا شيء كتقارب القلوب"؛ وفي رواية عنه: "تكفر النعمة، والرحم تقطع، والله يؤلف بين القلوب لم يُزحزحها شيء أبداً" ثم تلا: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63].
التطبيق العملي?
- صِل رحمك التي قطعتها وأحسن إلى من أساء إليك.
- زر من استطعت من أقاربك في رمضان ومن لم تزره اطمئن عليه بالهاتف.
- ادع أقاربك إلى الإفطار في بيتك تنل أجرين... أجر صلة الرحم وأجر إفطار الصائم.
هيا معا نحيي سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ?
عيادة المريض...
- وعن ثوبان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم - قال: ((إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل:يا رَسُول اللَّهِ وما خرفة الجنة؟ قال: جناها)) رواه مُسلِمٌ.
- وعن علي رَضِي اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم - يقول: ((ما من مسلم يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له خريف في الجنة))؛ رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
أخي الكريم.... من أدب الإسلام أن يعود المسلم المريض ويتفقد حاله تطيباً لنفسه ووفاء بحقه.... وهي سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم.... فهيا معاً نحيها..
الدعـاء:
((اللهم إنا نشكو إليك غلبة الأعداء وتفشي الداء وتحكم الأهواء وتخاذل العلماء ونزول البلاء بعد البلاء... اللهم فاجمع شتات أمرنا وألف بين قلوبنا واصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام)).
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.