قال شيخ الاسلام ابن تيمية : { ان في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة }.
تلك الجنة هي محبة الله عز وجل ومعرفته ودوام ذكره على كل حال وافراده
ليس بالعبادة فحسب بل بالحب والخوف والتوكل والرجاء بحيث يصبح جل و
علا وحده المستولي على هموم العبد وعزماتـه وارادته ومتى ما أصبح العبد
كذلك فقد حظي بجنة الدنيا والنعيم الذي لا يشبهه نعيم أبدا ، وذلك في لذة قيام
الليل ولقائه عز وجل لعباده فيـه ، فما بالك أخي المسلم فيمن داوم على ذكر
الله وعظمت محبته في قلبه وعرفه تمام المعرفة ..
قـال أحد السلف : { مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب مافيها،
قال : محبة الله عز وجل ومعرفته وذكره والأنس بقربه والشوق الى لقائه } ...
حين ذلك فان الله جل وعلا يشهد عباده جنته قبل لقائه ويفتح لهم من أبوابها في
دار العمل قبل دار الحساب ، فيأتيهم من روحها ونسيمها وطيبها ليكون دافعا لهـم
في الاستزادة من الصالحات ...
قال أحد السلف في ذلك :{ انه لتمر بي أوقات أقول ان كان أهـل الجنة في مثل
هذا انهم لفي عيش رغيد "
ذلك الحب وتلك المعرفة والمداومة على الذكر تجسدت لنا جلية حين سجن ابن
تيمية شيخ الاسلام فقال مرة : { مايصنع أعدائي بي ؟ ان جنتي وبستاني في
صدري ، أينما رحت فهي معي لا تفارقني ، ان حبسي خلوة ، وقتلي شهادة
، واخراجي من بلدي سياحة )) .
وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم أهل الجنة الا هذا ولهذا قال النبي حبب الي من
دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة فأخبر أنه حبب اليه من الدنيا
شيئان النساء والطيب ثم قال وجعلت قرة عيني في الصلاة وقرة العين فوق المحبة
فانه ليس كل محبوب تقر به العين وانما تقر العين بأعلى المحبوبات .
فالكل ينشد الراحة النفسية ويسعى لتحصيل السعادة القلبية ، فأهل اللهو في لهوهم ،
وأهل المعاصي في عصيانهم، وأهل الترف في ترفهم كلهم يزعمون أنهم في كل ذلك
يبحثون عن السعادة لكنهم والله ضلوا الطريق فما عرفوه ان السعادة تكمن في الحياة
الطيبة، ولكن يا ترى كيف السبيل الى هذه الحياة؟!
ان الاجابة على هذا السؤال كامنة في ظلال قوله سبحانه: { من عمل صالحا من ذكر
أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة } ...
هذه الآية الكريمة تهدي باذن الله الضال عن طريق الحق، وترد البصيرة على فاقدها ...
فلا سعادة الا في تقوى الله وطاعته سبحانه ....
يتبع ....
هــمــ الحنين ــس