من القرآن:
{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ} [النساء: 36].
ماذا قال الحبيب؟
• عن ابن عمر وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما – قالا: قال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه))؛ متفق عَلَيْهِ.
• وعن أبي ذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال: قال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: ((يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك)) رواه مُسْلِمٌ.
وفي رواية له عن أبي ذر قال: ((إنَّ خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أوصاني إذا طبختَ مرقًا فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف)).
• وعن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن!قيل: من يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه)) متفق عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلم: لا يدخل الجنة من لا يأمن جارُه بوائِقَه.
• وعنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال: قال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: ((يا نساء المسلمات لا تَحْقِرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) متفق عَلَيْهِ.
• وعن عبد اللَّه بن عمرو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قال: قال رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: ((خير الأصحاب عند اللَّه تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللَّه خيرهم لجاره))؛ رواهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
أحلى ما قال السلف:
• عبد الله بن مسعود:
- جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود وقال: إن لي جارًا يؤذيني ويشتمني ويضيِّقُ عليَّ، فقال ابن مسعود: اذهبْ فإنْ هو عَصَى اللهَ فِيكَ فأطعِ اللهَ فيه.
• ابن المقفع:
- بلغ ابْنَ المقفَّع أنَّ جارا له يبيع دارَهُ في دَيْنٍ رَكِبَهُ, وكان يجلس في ظِلِّ داره فقال: ما قمت إذن بحرمة ظل داره فدفع إليه ثمن الدار وقال: لا تبيعها.
درس اليوم
حق الجار..... مسعد أنور
http://media.islamway.com/lessons/musAnwar//254-Algar.rm
حُسن الجوار... سمت الأبرار
أحبائي في الله....
من هو الجار؟!
الجار هو الذي يلاصق أو يقرب سكنه من سكنك، وحدد العلماء دائرة الجيرة إلى مدى أربعين دارًا من كل جهة من أمام، وخلف ويمين وشمال، ومن كان هذه حاله فله من الحقوق وعليه من الواجبات ما يجعل الجوار نعمة وراحة...
والإسلام يقوم على جملة مرتكزات ترتقي بالفرد وتسمو بالمجتمع، ومن أهم تلك المرتكزات: المبادئ الأخلاقية والقِيَم الفاضلة التي تجعل من الأمة أسرة مترابطة، ولكي تسلم العلاقات الاجتماعية ينبغي أن تقوم على الأسس التي دعا إليها القرآن الكريم؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران: 103].
وذكرت الآثار بأن المعتزل عن الناس مُفَارِقٌ للجماعة، مُخَالِفٌ للسنة، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، ولذا حرص الإسلام على عقد روح التعاون بين الجيران ومن مظاهر الإيمان الكامل أن يحب الإنسان لجاره ما يحب لنفسه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه))؛ رواه مسلم.
وحقوق الجار كثيرة منها...
إلقاء السلام وردُّه، لما في ذلك من ربط القلوب بعضها ببعض، وهو عمل صالح رفيع، وأبخل الناس مَن بخل بالسلام، ومن الأمور الحسنة: السلام على أولاد الجيران، وتدريبهم على آداب الشريعة.
ومن حق الجار على جاره أن يزوره إذا مرض ويسأل عن صحته، ويَدْعُو له ويأمره بالصبر، ويستحب تخفيف الزيارة ؛ لئلا يشق ذلك على المريض.
وإذا مات الجار فإنَّ له حقًّا على جيرانه، وهو: أن يتبعوا جنازته، وأن ينظموا الأمر لإعداد الطعام لأهل الميت؛ لأنهم مشغولون بميتهم.
ومن حق الجار على جاره أن يجيب دعوته إلى الوليمة إن دعاه، زيادة للمودة وصلات الصفاء.
ومما يجدر بالمسلم أن يكون ستَّارًا لعيوب جاره؛ وذلك ليستره الله في حياته الدنيا ويوم العرض الأكبر.
ومن حقوق الجار على جاره: عدم التطاول عليه بالبنيان، وعدم إيذائه بالأصوات المرتفعة.
وأوصت السنة بالإحسان إلى الجار، حتى لو كان غير مسلم، ما دام فردًا يعيش في المجتمع الإسلامي، فالإسلام يريد للمجتمع أن يشمله التكافل ويعمه التراحم، ((عن مجاهد قال: كنت عند عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وغلام يسلخ له شاة، فقال: يا غلام، إذا سلختَ فابدأ بجارنا اليهودي، حتى قال ذلك مرارًا، فقال له: كم تقول هذا ؟ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لم يزل يوصينا بالجار حتّى خَشِينا أَنَّهُ سيُوَرِّثُه)) رواه أبو داود والترمذي.
وأقرب الجيران بابًا أحقهم بالإحسان، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: (( إلى أقربهما منك بابًا))؛ رواه البخاري
وكان محمد بن الجهم جارًا لسعيد بن العاص، عاش سنوات ينعم بجواره، فلمَّا عرض محمد بن الجهم داره للبيع بخمسين ألف درهم، وحضر الشهود ليشهدوا، قال: بكم تشترون مني جوار سعيد بن العاص؟ قالوا: إن الجوار لا يباع، وما جئنا إلا لنشتري الدار. فقال: وكيف لا يباع جوار من إذا سألته أعطاك، وإن سكتَّ عنه بادرك بالسؤال، وإن أسأت إليه أحسن إليك، وإن هِجْتَهُ عطف عليك ؟ فبلغ ذلك الكلامُ جارَهُ سعيدَ بنَ العاص فبعث إليه بمائة ألف درهم، وقال له: أمسك عليك دارك.
هذه هي الأخلاق الإسلامية التي ربى عليها الإسلام أبناءه، فكانوا كالبنيان المرصوص يشد بعضُه بعضًا، يحمِلُ غَنِيَّهُم فَقيرَهُم، ويُعين قَوِيُّهم ضعيفَهم، لا شحناء ولا أحقاد، ربط الود بين مشاعرهم، وجمع الإيمان بين أفئدهم، وما أجمل أن يأخذ المسلمون أنفسهم بهذه المبدأ الكريم.
التطبيق العملي?
- ابدأ جارك بالسلام, عده في مرضه, عزه في مصيبته, شاركه في الفرح, اصفح عن زلاته, لا تتطلع لعورته, إن استقرضك فأقرضه, وإن استغاثتك فأغثه, وإن استنصرك فانصره.
- احرص على زيارة جارك والسؤال عليه بشكل دوري.
هيا معا نحيي سنة الحبيب - صلى الله عليه وسلم -
ما يقول من أتاه أمر يسره أو يكرهه...
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره قال: (( الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ))....
وإذا أتاه أمر يكرهه قال: (( الحمد لله على كل حال ))
الدعـاء:
((اللَّهُمَّ ارحمني بترك معاصيك أبدًا ما أبقيتني، وارحمني من تَكَلُّفِ ما لا يعنيني، وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عني، وألزم قلبي حِفْظَ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني.
اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِكِتابِكَ بَصَرِي، واشْرَحْ به صدري، وفَرِّحْ به قلبي، وأطْلِقْ به لِساني، واستَعْمِلْ به بدني، وَقَوِّنِي على ذلك، وأعِنِّي عليه إنه لا مُعينَ عليه إلا أنت، لا إله إلا أنت)).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.