شباب يعتكفون في المقاهي ويقومون الليل على طاولة الدومينو
قال تعالى: "ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها"
يقضي معظم شبابنا اليوم ونحن نعيش أفضل الأيام ونستعدّ لاستقبال ليلة هي خير من ألف شهر، في السهر بالمقاهي وقضاء الأوقات في المحرّمات غير آبهين بما أعده الله تعالى للقائمين في هذه الأيام وبالعرض الإلهي لعباده، في هذه الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان، التي يكون الدعاء فيها مستجابا وقد يصادف العبد دعاءه ليلة القدر فيكون بذلك قد جمع خير الدنيا والآخرة.
ومن أعظم النعم التي أنعم بها الله عز وجل على العبد نعمة الشباب التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم، وألحّ على اغتنامها واستغلالها في طاعة الله عز وجل واغتنام مواسم الطاعات، كما جاء في الحديث المعروف بـ"اغتنم خمسا قبل خمس"، حيث قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: "اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، وقد بدأ النبي بنعمة الشباب لعظمها كما سبق الإشارة إلى ذلك.
ويعكف شبابنا اليوم بل ويعتكفون حول طاولات "النرد" وغيرها من الألعاب الملهية، التي يقضي فيها الشاب جل وقته دون التفكير في مآله ولا لحظة وفاته، إلا من رحم الله عز وجل ممن يفضلون عمارة المساجد على السهر في تضييع الأوقات، لأن من أدرك رمضان في هذه السنة قد لا يدركه السنة المقبلة، وحينها فقط سيدرك قيمة رمضان وما فرّط وضيّع من الأوقات الثمينة، لأن العبد لن يشتهي عند موته طعاما ولا لهوا ولكن يشتهي سجدة واحدة خالصة لوجه الله عز وجل.
ومن بين الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله "شاب معلق قلبه بالمساجد ولم يقل المقاهي، فعلينا أن نعلم علم اليقين أننا في نعمة يحسدنا عليها كثير من الخلق ولنا أن نسأل الشيخ الطاعن في السن، إلا أنه لا ينبغي التفكير في ذلك من ناحية خاطئة فقد كان الصحابة يجدون ويجتهدون في الطاعات وهم شباب، وإني لأريد من كل شاب قرأ هذه الأسطر التفكير في حاله التي هو عليها الآن ونحن على مشارف نهاية العشر الأواخر من رمضان، ما هي أحوالنا مع الله وهل نحن أهل لرحمة الله ومغفرته وكيف سيكون حالنا لو قبض الله أرواحنا وليس في ميزاننا إلا اللعب واللهو.
إننا نحن الشباب اليوم إلا من رحم ربي قد فكر في كيفية حجز مكانه في المقهى الفلاني أو المحل الفلاني لسهرات رمضان التي تم استحداثها، فلم يكن هناك شيء يقال له سهرات رمضان في قاموس السلف الصالح وإنما هناك أخرى قد تناسيناها، ولم نعد نقرأها سوى في السير والأحاديث النبوية، على غرار التصدق بما تم إعداده من فطور والإعتكاف وغيرها من الأمور التي بلغوا بها رضوان الله تعالى عليهم.
وبالعودة إلى حالنا اليوم مع شهر الصيام وثقافتنا في الإستعداد لإدراك ليلة القدر، نجد أن بعض الشباب وكما استعد المصلون لقيام الليالي العشر الأخيرة والإجتهاد في الدعاء، شمّروا هم على سواعدهم وهجروا النوم واللسان، ذهب رمضان ولن يعود إلا بعد 12 شهرا؛ فلا بد من إحياء هذه الليالي المتبقية في اللعب والسهر حتى الفجر، لأن السهر في ليالي رمضان ليس كغيره من الشهور، إذ يجد أحدهم القوة على مكابدة تعبه الليل كله لكن لا يستطيع مقاومة النوم 5 دقائق في قراءة القرآن أو صلاة ركعتين قبل النوم.