أقرت منظمة الصحة العالمية يوم الخامس عشر من أكتوبر يوما عالميا لغسل اليدين، تحث من خلاله دول العالم ومؤسساتها الطبية والتعليمية على تكريس ثقافة غسل الأيدي، كإجراء وقائي يمكنه إنقاذ حياة ملايين الأطفال سنويا، إذ تعدّ اليد من أكثر الأعضاء استخداما لدى الإنسان، وهي البوابة التي يستقبل الجسد من خلالها الفيروسات والبكتيريا، لذلك فإن الاهتمام بنظافتها والعناية بها يمكنه وقاية كافة أجزاء الجسم.
تحتفل أكثر من 70 دولة في القارات الخمس اليوم بـ«غسل الأيدي» في إطار جهودها لحشد وتحفيز الملايين من سكان العالم لغسل أيديهم بالصابون بهدف الحد من وفيات الأطفال الناجمة عن الإسهال. ويعتبر غسل اليدين بالصابون أكثر الطرق فعالية وأقلها ثمنا لمنع الإسهالات وذات الرئة، وهما المرضان المسؤولان وحدهما عن وفاة نحو 5,3 مليون طفل سنويا، حيث يقدر أن غسل اليدين يستطيع تخفيض نسبة وفيات الأطفال الناجمة عن الإسهالات بمعدل النصف.
منع العدوى
يشدّد الدكتور علي الصمد، طبيب أسرة في مستشفى الإمارات بدبي، على أهمية غسل اليدين، وذلك لمنع انتقال عدوى الأمراض المعدية لا سيما أمراض الجهاز التنفسي، السعال، الكحة، وباعتبار أنه يخفف من هذه الأمراض، مؤكدا أن موضوع غسل الأيدي يعتبر ثقافة عامة، وليس أمرا طبيا وحسب، ففي أوروبا وأميركا برامج تعليمية لغسل الأيدي تعطى للتلاميذ في الفصول الدراسية وكذلك للأهل حول كيفية الغسل الصحيحة، إذ تحبذ أن يتم غسل الأيدي بالتمرير بين الأصابع، وتنظيف الأظافر مع الحرص على دلك اليدين بالصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
ويشير الصمد إلى أن عدد مرات غسل اليدين يختلف من شخص لآخر؛ فهنالك أشخاص يغسلون أيديهم 20 مرة في اليوم، موضحا أن هناك ثمة حالات أو ضرورات تستوجب غسل اليدين يجب تعليمها لدى الأطفال خاصة، وهي: قبل تناول الأكل وبعده، وبعد استخدام الحمام، وبعد اللعب، وبعد العطس أو السعال أو بعد مصافحة شخص مريض بالزكام أو بمرض معد إذا كان لا بد من مصافحته.
ويؤكد على أهمية غسل اليدين لدى شريحة الأطباء قبل فحص المريض وبعد فحصه، فهنالك مستشفيات عالمية تقوم بمراقبة أطبائها في مسألة غسل الأيدي، كما أن تطبيق عادة غسل الأيدي في المستشفيات أصبحت من بين المتطلبات الأساسية لمنح الترخيص الدولي لهذه المستشفيات. ويذكر الصمد أنه لوحظ بأن المدارس التي طبقت فيها عادة غسل الأيدي انخفض لديها معدل الغياب المرضي عند الطلبة، كما بينت الدراسات الطبية أن تطبيق مسألة غسل الأيدي في المستشفيات لا سيما بعد الفحص أو سحب الدم أهم من إعطاء المضادات الحيوية.
من جانبه، يوضح الدكتور محمد كامل، أخصائي أمراض جلدية، أن اليد تسمح للميكروبات بالاستيطان بها، وأن هناك 5 ملايين ميكروب على الأقل تعيش على يدي كل إنسان، بحيث تستطيع العديد من الميكروبات العيش عليهما لساعات، بالإضافة إلى اختباء الملايين منها تحت الخواتم، والأساور وساعات اليد، مضيفا أن الأيدي المبللة تنشر الميكروبات بنسبة تصل إلى ألف ضعف الأيدي الجافة.
ويبين كامل أن استخدام الماء الجاري الدافئ في غسل الأيدي يعطي نتائج أفضل، فالماء الساخن عند 45 درجة مئوية، يزيل الشحوم وبالتالي الميكروبات، مع تفضيل الصابون السائل ولمدة 20 ثانية على الأقل، أما في حالة غياب الصابون فيفضل غسل الأيدي بالكحول بعد غسل استعمال الماء وتجفيفهما جيدا بمناديل ورقية تستخدم مرة واحدة.
مواد التعقيم
قبل بضع سنوات فقط، كان استخدام موادّ التعقيم يقتصر على المنظفات المنزليّة في المطابخ والحمامات أو في المستشفيات والمراكز الصحيّة، أما الآن فقد تغيّر الوضع، وأصبح من المعتاد استخدام المعقمات يوميا لا سيما مع انتشار الأمراض والفيروسات. اعتاد نصر عبد الله، وضع عبوة معقم اليدين في درج مكتبه منذ سنوات يستخدمه كلما قرأ الصحيفة أو تناول «الساندويتش» أو صافح أحدهم، إلى ذلك، يقول «تعودت تعقيم يدي مرات عديدة خلال اليوم، وخاصة بعد مصافحة الآخرين، حتى لو كان شخصا قريبا أو عزيزا وبصرف النظر عن نظافته الشخصية».
وتستخدم منى سليمان موادّ التعقيم عندما ترتاد الحدائق مع أطفالها، فهي نافعة، وفقها، لغرض تغسيل الأيدي وتعقيمها من الأتربة وأدوات الشواء والطعام ذي الرائحة القوية. لكنها ترفض إفراط أطفالها في استعمال هذه المعقمات، خاصة في المنزل، حيث تفرض قوانينه إعطاء الأولوية للماء والصابون.
من جانبها، تشير الصيدلانية خلود جمال الجمّال، إلى أن عبوات غسل وتعقيم اليدين منتشرة بأسماء متعددة، وتباع بأسعار رخيصة نسبيا، مضيفة أنها تحتوي في تركيبتها على الكحول وAالجليسرين» وهي مواد مطهرة تستخدم في التعقيم من الجراثيم وكمطهر للجروح.
وحول صلاحية مواد التعقيم للاستخدام كبديل عن الماء والصابون، يقول الدكتور علي فاروق إن مواد تعقيم اليد تستخدم لتعقيم اليد وليس لتنظيفها من الأوساخ، وهي نافعة ومفيدة، في كثير من الأحوال، كالاستخدام في السفر أو بعد لمس أدوات غير مضمونة النظافة مثل المصاعد أو ماكينات الصراف الآلي، لكن من غير المنطقي استخدامها في المنازل أو حتى في المدارس وذلك لوجود الماء والصابون فيه وهي مواد التنظيف الأفضل والأهم على الإطلاق، والتي لا تضاهيها مواد تعقيم مهما كان نوعها.
وينصح فاروق لدى استخدام معقم اليدين بوضع كمية كافية منه، وفرك اليدين جيداً بها لمدة 15 إلى 30 ثانية أو حتى تجف تلقائياً، مع الاعتدال في استخدامه إذ أن كثرته تؤدي إلى جفاف اليد نتيجة وجود الكحول، وإضعاف جهاز المناعة بسبب قلة التعرض للجراثيم، لافتا إلى أن بعض الأشخاص لا يناسبهم استخدامه أصلا إذ أن لديهم حساسية من مواد التعقيم.
فرض استخدام المعقمات على العاملين في الحقل الطبي الأميركي
تسجل في أميركا سنويا 1,7 مليون حالة تلوث بسبب عدم تعقيم الأيدي. ووفق منظمة الصحة العالمية، فإنّ 10% من الزيارات للمستشفيات في الدول الصناعية، يكون السبب فيها إصابات بفيروسات وبكتيريا تمّ التقاطها من مستشفيات ودور رعاية صحية. وفي عام 2002، أمرت مراكز مراقبة الأوبئة والوقاية في الولايات المتحدة عاملي المستشفيات باستخدام «جل» مركّب من الكحول لمكافحة تلك البكتيريا، حيث أنّ الكحول يعدّ فعالا جدا في هذا الصعيد. وينفق الأميركيون سنويا نحو 100 مليون دولار على معقمات الأيدي.
مبادرة مشتركة
اليوم العالمي لغسل اليدين هو مبادرة للشراكة بين القطاعين العام والخاص يأتي على رأسها «اليونيسيف» والوكالة الأميركية للإنماء الدولي ومراكز الوقاية من الأمراض والبنك الدولي وشركات خاصة. ويوجد موقع إلكتروني خاص باليوم العالمي لغسل اليدين والشراكة العالمية الخاصة -العامة من أجل التوعية بفوائد غسل اليدين بالصابون، يحمل نفس اسم «اليوم العالمي لغسل اليدين».
فداء طه