هو الصحابي الكريم قتادة بن النعمان بن زيد، كان من أنجب العرب، وقد كان يشعر في نفسه- كما تقول كتب التراث- أنه ينبغي أن يؤمن بدين معين، وأن هذا الدين سيوجد ويعلِن نفسه على البشرية كلها، حتى هداه الله تعالى إلى الإسلام، فأسلم رضوان الله عليه قبل يوم بدر، وقد صحِب الرسولَ- صلى الله عليه وسلم- وأخلصَ لله تعالى، فكافأَه الله تعالى في الدنيا والآخرة.
جهاده في سبيل الله تعالى
كان قتادة بن النعمان- رضي الله عنه- من الراغبين في الإسلام والعاملين على خدمته بكل ما يملك وما يستطيع، وقد كان من أكثر الناس حرصًا على المشاركة في الغزوات كي يمنحَه الله جل وعلا الشهادة، وفي غزة بدر خرج يبغي الشهادة ولكنها لم تُكتب له وإنما خُرقت عينُه وسالت على وجهه؛ حيث كان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يرمي في الغزوة بنفسه، فأخذ عنه قتادة يبغي مساعدتَه فخُرقت عينُه، فلم يدرِ المؤمنون ماذا يفعلون فأخذوا قتادةَ إلى الرسول الكريم الذي تناول حدقتَه بكفِّه وأعادها إلى مكانها وهو يدعو ويقول: "اللهم زدْه جمالاً"، فيقول قتادة إن عينَه عادت سليمةً كما كانت وأحسن من حالتها الأولى.
وقد حضر مع النبي- صلى الله عليه وسلم- كلَّ الغزوات والمشاهد القتالية كلها ومن بينها يوم الفتح، وبعد وفاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- لم يقصِّر قتادة بن النعمان في شيء بل واصل كفاحه وجهاده في عهد كلٍّ من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
وفاته رضوان الله تعالى عليه
كان رضي الله عنه حريصًا على الشهادة في سبيل الله تعالى، فشارك في كل الغزوات على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، كما حرص على مواصلة جهاده في عهد الخلفاء من بعده، وفي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- سار على رأس الجند الذي اتجه إلى الشام، مواصِلاً بذلك حياته الجهادية.
وقد تُوفي- رضي الله تعالى عنه- في السنة الـ23 من الهجرة النبوية في المدينة المنوَّرة عن عمرٍ وصل إلى 65 عامًا، وقد نزل سيدنا عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- إلى قبره؛ تكريمًا له وحرصًا على مرافقته حتى اللحظة الأخيرة.