حكيم بن حزام
مقدمة
هو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي ابن أخى خديجة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم.
حالة في الجاهلية:
كان حكيم بن حزام من سادات قريش وكان صديق النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة وكان يوده ويحبه بعد البعثة ولكنه تأخر إسلامه حتى أسلم عام الفتح..
وقد اشتري حكيم بن حزام زيد بن حارثة، وكان زيد فيما روي عن أنس بن مالك وغيره مسبيا من الشام سبته خيل من تهامة فابتاعه حكيم بن حزام بن خويلد فوهبه لعمته خديجة.(1)
وقد شهد حكيم بن حزام بدرا الكبرى مع الكفار ونجا مع من نجا.(2)
بالنظر في حكيم بن حزام قبل إسلامه نجده في مكانة مرموقة بين سادات قريش كما نجده على فطرته السليمة لم يتأثر بما حوله من فساد..
قال الزبير جاء الإسلام وفي يد حكيم الرفدة وكان يفعل المعروف ويصل الرحم وفي الصحيح أنه سأل النبي قال أشياء كنت أفعلها في الجاهلية ألي فيها أجر؟ قال أسلمت على ما سلف لك من خير. رواه مسلم
إسلامه:
أسلم حكيم بن حزام بن خويلد من قبل أن يفتح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مكة بيوم.
وقد تأخر إسلامه حتى أسلم عام الفتح وثبت في السيرة وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال من دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن.(3)
وقد تركت تربية الرسول (صلى الله عليه وسلم) أثرا واضحا في شخصية حكيم بن حزام ولعل خير دليل على هذا الأثر هو هذا الحديث الذي يرويه بن حزام بنفسه دون أن يجد أي غضاضة في ذلك وهو من هو سنا ومقاما وهذا أيضا من أثر تربية الرسول الرسول (صلى الله عليه وسلم).
أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام قال "سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال: يا حكيم هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى.
فقلت: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد النبي (صلى الله عليه وسلم). حتى توفي رضي الله عنه.
بعض المواقف من حياته
مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
شهد حكيم بن حزام موقعة بدر الكبرى مع المشركين فيقول: لما كان يوم بدر أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخذ كفا من الحصى فاستقبلنا به فرمى بها وقال: " شاهت الوجوه " فانهزمنا فأنزل الله عز وجل: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}. (4)
وأراد حكيم بن حزام أن يهدي الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) هدية وكان حكيم بن حزام لا يزال مشركا ويروي ذلك فيقول: كان محمد (صلى الله عليه وسلم) أحب رجل في الناس إلي في الجاهلية فلما تنبأ وخرج إلى المدينة شهد حكيم بن حزام الموسم وهو كافر فوجد حلة لذي يزن تباع فاشتراها بخمسين دينارا ليهديها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقدم بها عليه المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى قال عبيد الله حسبت أنه قال إنا لا نقبل شيئا من المشركين ولكن إن شئت أخذناها بالثمن فأعطيته حين أبى علي الهدية.(5)
مع الصحابة رضي الله عنهم:
كان له موقف يحسب له يوم قتل عثمان (رضي الله عنه) حيث قال رجل يدفن بدير سلع مقبرة اليهود فقال حكيم بن حزام والله لا يكون هذا أبدا وأحد من ولد قصي حي حتى كاد الشر يلتحم فقال ابن عديس البلوي أيها الشيخ وما يضرك أين يدفن فقال حكيم بن حزام لا يدفن إلا ببقيع الغرقد حيث دفن سلفه وفرطه فخرج به حكيم بن حزام في اثني عشر رجلا وفيهم الزبير فصلى عليه حكيم بن حزام قال الواقدي الثبت عندنا أنه صلى عليه جبير بن مطعم.(6)
وله بعض المواقف الرائعة مع التابعين فعن عروة بن الزبير قال لما قتل الزبير يوم الجمل جعل الناس يلقوننا بما نكره ونسمع منهم الأذى فقلت لأخي المنذر انطلق بنا إلى حكيم بن حزام حتى نسأله عن مثالب قريش فنلقى من يشتمنا بما نعرف فانطلقنا حتى ندخل عليه داره فذكرنا ذلك له فقال لغلامه أغلق باب الدار ثم قام إلى وسط راحلته فجعل يضربنا وجعلنا نلوذ منه حتى قضى بعض ما يريد ثم قال أعندي تلتمسان معايب قريش ايتدعا في قومكما يكف عنكما مما تكرهان فانتفعنا بأدبه.(7)
بعض الأحاديث التي نقلها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن حكيم بن حزام قال: بينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أصحابه إذ قال لهم: [ هل تسمعون ما أسمع؟ ] قالوا ما نسمع من شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ إني لأسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط وما فيها من موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم ] .
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما.(8)
وأخرج البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان على ظهر غنى ومن يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله.
وفاته
قال البخاري في التاريخ مات سنة ستين وهو ابن عشرين ومائة سنة، قاله إبراهيم بن المنذر ثم أسند من طريق عمر بن عبد الله بن عروة عن عروة قال مات لعشر سنوات من خلافة معاوية..
وعن عثمان بن سليمان بن أبي حثمة قال: كبر حكيم بن حزام حتى ذهب بصره ثم اشتكى فاشتد وجعه، فقلت والله لأحضرنه فلأنظرن ما يتكلم به عند الموت فإذا هو يهمهم فأصغيت إليه فإذا هو يقول لا إله إلا أنت أحبك وأخشاك.
فلم تزل كلمته حتى مات وفي رواية أخرى فإذا هو يقول: لا إله إلا الله قد كنت أخشاك فإذا اليوم أرجوك.(9)