ان الإصرار الذي أظهره الفرد الجزائري بتمسكه بأرضه ، رغم الإجراءات القمعية التي رافقت تطبيق القوانين الفرنسية الآنفة الذكر ، دفعت بالسلطات الفرنسيـة الى إصدار قانون فارنييه LOIS WARNIER أو قانون المستوطنين . هذا القانون الذي نظر إليه على أنه أخطر إجراء تشريعي اتخذته الجمهورية الفرنسية الثالثة في حق الجزائريين .وتظهر خطورته في أنه سيغير وجه الريف الجزائري تغييرا جذريا، بفتحه الباب على مصراعيه لعمليات البيع والمضاربة في الأراضي الجزائرية لصالح الأوربيين واليهود للتحايل على سلب الجزائريين أملاكهم وبطرق أكثر ما يقال عنها أنها ملتوية .
نص قانون فارنييه في مادته الأولى على ما يلي : " يخضع تقرير الملكية العقارية في الجزائر والمحافظة عليها ، والانتقال التعاقدي للعقارات والحقوق العقارية الى القانون الفرنسي ، بغض النظر عن المالكين . وبالتالي ، تلغى كل الحقوق الحقيقية والاتفاقات وأسس القرارات المبنية على القانون الإسلامي أو القبائلي والمتناقضة مع القانون الفرنسي "
من نتائج هذا القانون ، أن الأهالي في الفترة الممتدة بين 1877 ـ 1898 أي في واحد وعشرون سنة ، باعوا للمستوطنين حوالي 432.388 هكتارا ، دون الأخذ بحساب المبيعات لدى الموثقين . وفي الفترة ما بين 1885 و 1889 ، تم إحصاء ؛ 1086 عملية بيع وشراء للأراضي التابعة للقبائل و 666 عملية استيلاء على الأراضي و 343 عملية بيع بالإباحة ، اعتمادا على القانون المدني الفرنسي في مادته 822 التي تنص على أنه " إذا كان من غير الممكن تقسيم العقار على نحو ملائم ، فلابد من إصدار قرار بإباحة البيع " . ومنه ، أصبح المستوطنون الأوربيون بفضل هذين القانونين ، وما سبق من قوانين تطرقنا إليها ، يمتلكون في سنة 1930 حوالي 2.720.000 هكتارا تمثل حوالي 27في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة ، وكلها أراضي تقع في المناطق الجيدة الخصوبة . أما الأهالي الذين كانوا يمتلكون قبل سنة 1830 حوالي 14.000.000 هكتارا من الأراضي الصالحة للزراعة ، فقد أنخفض هذا الرقم عام 1930 الى 7.560.000 هكتارا