اطفالنا و حب الله تعالى لماذا نعلمهم حب الله تعالى : أ-لأن الله تعالى قال عن الذين يحبونه:
“ قُل إن كُنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحِببْكُم اللهُ ،ويَغفر لكم ذنوبَكم،واللهُ غفورٌ رحيم “( آل عمران: 31(
ب- لأن الله جلَّ شأنه هو الذي أوجدنا من عَدَم،وسوَّى خَلقنا وفضَّلنا على كثير ممَّن خلق تفضيلا،ومَنَّ علينا بأفضل نعمة وهي الإسلام، ثم رزقنا بالكثير من فضله دون أن نستحق ذلك،ثم هو ذا يعدنا بالجنة جزاءً لأفعال هي من عطاءه وفضله، فهو المتفضِّل أولاً وآخِرا.
جـ - عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( كان من دعاء داود يقول اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد) (حديث حسن غريب ، أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات عن رسول الله ، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد. (
ولنا في ذلك أسوة الحسنة.
د- لأن الحب يتولد عنه الاحترام والهيبة في ا لسر والعلن، وما أحوجنا إلى أن يحترم أطفالنا ربهم ويهابونه- بدلاً من أن تكون علاقتهم به قائمة على الخوف من عقابه أو من جهنم- فتكون عبادتهم له متعة روحية يعيشون بها وتحفظهم من الزلل .
هـ- لأن الأطفال في الغالب يتعلقون بآبائهم وأمهاتهم -أو مَن يقوم برعايتهم وتربيتهم- أكثر من أي أحد،مع العلم بأن الآباء ، والأمهات، والمربين لا يدومون لأطفالهم، بينما الله تعالى هو الحيُّ القيوم الدائم الباقي الذي لا يموت،والذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، فهو معهم أينما كانوا وهو الذي يحفظهم ويرعاهم أكثر من والديهم،...،إذن فتعلقهم به وحبهم له يُعد ضرورة، حتى إذا ما تعرضوا لفقدان الوالدين أو أحدهما عرفوا أن لهم صدراً حانياً، وعماداً متيناً، وسنداً قوياً هو الله -سبحانه وتعالى-.
و- لأنهم إذا أحبوا الله عز وجل وعلموا أن القرآن كلامه أحبوا القرآن، وإذا علموا أن الصلاة لقاء مع الله فرحوا بسماع الأذان، وحرصوا على الصلاة وخشعوا فيها، وإذا علموا أن الله جميل يحب الجمال فعلوا كل ما هو جميل وتركوا كل ما هو قبيح، وإذا علموا أن الله يحب التوابين والمتطهرين، والمحسنين، والمتصدقين، والصابرين، والمقسطين، والمتوكلين، وأن الله مع الصابرين،وأن الله ولي المتقين، وأنه وليُّ الذين آمنوا وأن اللهَ يدافع عن الذين آمنوا،...، إجتَهَدوا ليتصفوا بكل هذه الصفات، ابتغاء مرضاته، وحبه، والفوز بولايته لهم، ودفاعه عنهم.
أما إذا علموا أن الله لا يحب الخائنين، ولا الكافرين، ولا المتكبرين، ولا المعتدين، ولاالظالمين، ولا المفسدين، وأنه لا يحب كل خَوَّا ن كفور ، أو من كان مختالاً فخورا ،...، لابتعدوا قدر استطاعتهم عن كل هذه الصفات حباً في الله ورغبة في إرضاءه.
ز- لأنهم إذا أحبوا الله -جل وعلا- أطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه بطيب نفس ورحابة صدر؛ وشبُّوا على تفضيل مراده على مرادهم، و تقديم كل غال وثمين من أجله، والتضحية من أجل إرضاءه، وضبط الشهوات من أجل نيل محبته، فالمُحب لمن يحب مطيع.
حـ- لأن حب الله يعني استشعار وجوده -عز وجل - معنا في كل وقت ومكان، مما يترتب عليه الشعور بالراحة والاطمئنان والثبات، وعدم القلق أو الحزن،...، ومن ثم سلامة النفس والجسد من الأمراض النفسية والعضوية،… بل والأهم من ذلك السلامة من المعاصي والآثام .
وما أجمل قول القائل : مَن كان الله معه ،فمَن عليه!
طـ - لأن أعز ما يملكه الإنسان - بعد إيمانه بالله عز وجل - هو الكرامة " وليس المال أو المنال، أو الجاه أو القدرة،...، فالمجرم يتعذب في داخله قبل أن يحاسبه الآخرون، لأنه على بصيرة من قرارة نفسه التي تحس بغياب الكرامة بفعل الأفعال الدنيئة، أما الإنسان المحترم الذي يحس بوفرة الكرامة لديه، فإنه أحرى أن يعتلي القمم السامية والمنازل الرفيعة...وهكذا كان شأن "يوسف" الصدِّيق -عليه السلام- حين توسم فيه عزيز مصر أن ينفعه ذات يوم، ويكون خليفة له على شعبه ،أو يتخذه ولداً؛ لذا فقد قال لامرأته حين أتى بيوسف مستبشراً به :"
أكرِمي مثواه " أي أكرمي مكانته،واجعليه محط احترام وتقدير،ولم يوصها بأي شيء آخر ...فلعله رأى أن التربية القائمة على أساس الكرامة تنتهي بالإنسان إلى أن يكون عالماً، وقادراً على أًن يتخذ القرارات السليمة وفقاً لأسس وقواعد التفكير الحكيم، هذا بالإضافة إلى قدرته على وضعها موضع التنفيذ "
فإذا أردنا الكرامة ونتائجها لأطفالنا فما أحرانا بأن نهبها لهم من خلال حبهم لخالق الكرامة الذي كرَّم أباهم آدم وأسجد له الملائكة، وقال عنهم: “
ولقد كرَّمنا بني آدم” ( الإسراء:70(... وإذا أردنا لهم الدرجات العُلا في الدنيا والآخرة،فلا مفر من مساعدتهم على حب الله الذي يقودهم إلى التقوى، " فيصبحوا من الذين قال عنهم :”
إن أكرمكم عند اللهِ أتقاكم” (الحجرات :13)
طرق ترسيخ حب الله –سبحانه وتعالى- في الطفل :
ولنرسخ في إذهان أطفالنا ان حب الله تعالى يتثمل باتباع الآتي :
- أولاً : " تنزيه سبحانه الله تعالى وطاعته ومراقبة الله سبحانه وتعالى في سر السر والعلن
جاءت الديانات السماوية كلها توضح وتؤكد تنزيه الخالق فهو مُنزّه عن الشركاء ، له الألوهية وحده وله الربوبية وحده ، وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً."
قال تعالى : “
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير “(الشورى: 11)
قال سيد قطب :- " والفطرة تؤمن بهذا بداهة مخالق الأشياء لا تماثله هذه الأشياء التي هي من خلقه ..."
عن عبد الله بن مسعود قال : سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : ( أن تجعل لله ندا وهو خَلقك ) " (صحيح ، أخرجه مسلم حديث رقم 86 ، كتاب الإيمان ، ، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده ، انظر إلى النووي، يحيى بن شرف صحيح مسلم بشرح النووي ،جـ 2/69)
لا بد للمربين أن يغرسوا في نفوس أطفالهم أن الله واحد لا شريك له ونتوجه له بالعباده والإخلاص قال تعالى :- “
اياك نعبد وإياك نستعين” (الفاتحة: 5)
وبعد أن نبين لهم ذلك ونوضح لهم ان الله رقيب علينا وعلى كل شيء في الكون، بعد ذلك نشعرهم بأن الله يراقبنا في السر والعلن.
" أما ترويضه [ الطفل ] على مراقبة الله وهو يعمل، فليتعلم الإخلاص لله رب العالمين في كل أقواله واعماله وسائر تصرفاته.
أما ترويضه على مراقبة الله وهو يفكر فليتعلم الأفكار التي تقربه من خالقه العظيم ، والتي بها ينفع نفسه وينفع مجتمعه وينفع الناس أجمعين، بل يجب أن يروض على أن يكون عقله وقلبه وهواه تبعاً لما جاء به خاتم الأنبياء – صلى الله عليه وسلم –
أمل ترويضه على وهو يحس : فليتعلم كل إحساس نظيف وليتربّى على كل شعور طاهر ، فلا يحسد ولا يحقر ولا ينم .... "
فالله -سبحانه وتعالى- يسمع ويرى كل شيء سواء في السر والجهر قال تعالى :
“عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ {9} سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ”( الرعد : 10)
وبالتالى يشعر بان الله يراقبه فهذا ينعكس ايجابا علي سلوكه وشعوره وتصرفاته0
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الأحسان: (ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تراه فانه يراك)( صحيح ،أخرجه مسلم، حديث رقم 1 ، كتاب الإيمان ، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان، انظر إلى النووي، يحيى بن شرف صحيح مسلم بشرح النووي ، جـ 1/141)
ماذا يجنى اطفالنا من غرس روح المراقبه فى نفوسهم: -ان مراقبه الله في السر والعلن توقظ في ضميره الخوف فيبعده عن ارتكاب الذنوب والمعاصى فاذا أخطأ أو زل بسبب ضعفه البشرى فانه سرعان ما يبادر الى التوبه والأستغفار.
-والمراقبه تؤدي إلى الحياء وقد حكي أنَّ لقمان قال لأبنه : " اذا راقبت الله تعالى لم تقدم علي معصيته ابدا ؛لأنه بمجرد التفاتك الى انه يراك ويطلع عليك يمنعك الحياء من مخالفته ".
وما احوج الولد وهو صغير الى هذا التوجيه حتى يواجه الحياة بنفسه مطمئنه وضمير يقظ واع يفسح امامه الطريق ليخدم نفسه واسرته ومجتمعه وبلاده. "
- ثانياً: حسن الظن بالله واللجوء اليه والخوف منه:
ان حسن الظن بالله صفه راسخه على كل مؤمن ان يغرسها فى قلبه.
" إن الله فطر الإنسان على الخوف والرجاء ويعمل هذان الخطان باستمرار في نفسه ، وبمقدار اتجاهها الإتجاه السليم ؛ يفوز المسلم بالأمن في الدنيا وبالجنة في الآخرة "
الآثار الطيبه والثمار الحسنة التي يجنيها الفرد من خوفه من الله : • "إن الخوف من الله يحيي ضمير الإنسان على اليقظة والخشية ، ومراقبة الله -جل وعلا - ، فيمنع الإنسان من الإسترسال في المعاصي والآثام ، ويجنيه الوقوع في الحرام ، ويبعث في الإنسان روح الشجاعه ، ويدفعه الى الجهر بالحق، فلا يحسبون للخلق حساباً ولا يتهيبون من أحد ، ولا يخافون من مخلوق قال تعالى: “
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً “ • إن الخوف من الله يقف حارساً يرغب الإنسان الى الخير والإستقامة ، ويحذره من الشر والإنحراف ، فإذا اقترف ذنباً فإنه يسارع بالتوبة والندم والإستغفار ، والخائفون من الله هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
إن الإنسان إذا خاف من الله فإنه سوف يكف لسانه عن الغيبة والنميمة .... ولهذا يجب علينا كمربين أن نغرس في نفوس أطفالنا صفة الخوف من الله ليستيقظ ضميره من صغره، ويصمد أمام مغريات الدنيا."
- ثالثاً : الصلة بالله وبيان أثرها في الطاقات الإنسانية :
" إنَّ الأساس في التربية الإيمانية هو أن يكون بين الإنسان وربه ايصال دائم لا ينقطع ، فالعبادة بجميع أنواعها وشتى صورها تشعر المؤمن أنه موصول بالله -سبحانه وتعالى- يستمد منه الهداية والعون ، يدعو فيجيب الله دعاءه، [ وبالتالي ] فقد انعقدت بين الله وبين قلب هذا الطفل صلة لا تنقطع في النهار أو الليل، لا تنقطع في عمل أو شعور أوفكر أو قول.....
إذا أردنا أن تظهر الفضائل الإنسانية الحقيقية في قلوب أطفالن،ا فلنربيهم على قاعدة تربوية يكون أساسها الإرتباط الواقعي والصلة الدائمة بينهم وبين خالقهم "
- رابعاً : شكر الله اعترافاً بالجميل :
" وواجبنا ... أن نلفت دائماً أنظار أولادنا الى هذا الإنسان وما فيه من نِعَم ربانية لا تحصى، أو أن نُعلّمهم أن علينا واجباً نحو خالقنا –سبحانه وتعالى- الذي تفضل علينا بالنعم وهذا الواجب يتمثل بشكره تعالى على نعمه، وأن نقول لهم أن الشكر يتحقق بالعبادة والطاعة
- ما يجني العبد من شكره لله تعالى :
(1) الحفاظ على النعمة وعدم زوالها . قال تعالى:
“ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ” (2) زيادة النعمة, قال تعالى
:” لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ” وغير ذلك الكثير "
قال سيد قطب : " إنما هو صلاح الحياه يتحقق بالشكر ، ونفوس الناس تزكو بالإتجاه الى الله، وتستقيم بشكر الخير وتطمئن الى الاتصال بالمُنعم ، فلا تخش نفاذ النعمة وذهابها ، ولا تذهب حسرات وراء ما ينفق أو يضيع منها ، فالمُنعم موجوده والنعمه بشكره تزكو وتزيد "
- خامساً : الدعاء وبيان بركته وفضله :
علينا دائماً أن نكون قدوة للأطفال بأن نرفع أيدينا دائماً بالدعاء لله وطلب كل ما نريده ونبين لهم أن الإنسان ضعيف وفقير الى الله يستمد قوته منه وحده سبحانه.
أثر الدعاء التربوي : (1) " الدعاء من أسباب رفع البلاء
(2) تذكير للنفس بحقيقة فقرها الى الله- سبحانه وتعالى- وصلتها به ، ومن ثمَّ كانت حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم – دعاء دائماً ، يدعو مع كل عمل وكل حركة بالليل وبالنهار.
(3) الدعاء هو سبيل القوة الحقة، فمن وراء ايمانه وإحساسه أنه تحت رعايه الله وحفظه وأنه يستمتع اليه اذا شكا ، وأنه قريب يستجيب دعاءه ،فإنه يجابه الحياة ؛ أملاً في الله متوكلاً عليه."
تذكرة :
علينا ان نتذكر ما يلي :
(1) " أجب على تساؤلات طفلك الدينية بما يناسب مع سِنِّه ومستوى إدراكه وفهمه
(2) اعتدل في أوامرك ولا تحمل طفلك ما لا طاقة له به
(3) لا تلقن طفلك اسم الله من خلال الإحداث الأليمة
(4) حاول أن تَذكر اسم الله تعالى أمام الطفل من خلال مواقف محببة ساره
(5) ينبغي الا نرعب الطفل بكثرة الحديث عن غضب الله وعذابه والنار .... بل بالترغيب بدلاً من الترهيب."