يُعتبر يوسف تومي لبيد شخصيةً جديدةً في حلبة المعترك السياسي الصهيوني، فقد انضمَّ إلى الكنيست في الانتخابات البرلمانية السابقة فقط، على رأس حزب شينوي، الذي فاز بستة مقاعد.
وُلد لبيد في مدينة نوفي ساد اليوغسلافية، وكان اسمه في الأصل توميسلاف لامبل، ولكنه بدَّل اسمه إلى لبيد، عندما هاجر إلى فلسطين المحتلة عام 1948.
خدم في الجيش الصهيوني ومن ثمَّ درس القانون قبل أن يقرر التوجه إلى ميدان الصحافة، وأصبح فيما بعد رئيسًا لتحرير صحيفة (معاريف) الصهيونية.
واختاره رئيس الحكومة الليكودي الأسبق مناحيم بيجن رئيسًا لإدارة سلطة البث الصهيونية؛ حيث برزت مواقفه العنصرية ومعاداته الفظة للعرب، وتأييده الكامل للاحتلال والاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، ومن المعروف أنه منع المحررين والصحفيين من استخدام مصطلحات تَعتبر المناطق الفلسطينية مناطق محتلة، وفرَض عليهم نعتَها بالمناطق المدارة، وفرض لبيد قبضةً حديديةً على الإذاعة والتلفزيون الصهيونيين؛ حيث تدخَّل في كل صغيرة وكبيرة، ويعترف لبيد بأنه كان من أنصار فكرة إسرائيل الكبرى، ومعارضًا للانسحاب الصهيوني من الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولكنه أصبح حسب ما يقول يميل إلى "الوسط" وإلى "الطبقات الوسطى" التي تحبِّذ الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد إجراء تعديلات جغرافية تضمن بقاء التجمعات الاستيطانية الكبيرة تحت السيطرة الإسرائيلية.
وقد استغل لابيد- الذي ينادي بالعلمانية- مظالم الطبقات الوسطى حول ارتفاع الضرائب والمدد الطويلة التي يقضيها المكلّفون في الخدمة العسكرية في الوقت الذي يُعفَى فيه اليهودُ المتدينون من الخدمة وتَصرف لهم الحكومة إعاناتٍ ماليةً كبيرةً تحت ستار انخراطهم في المدارس الدينية.
يقول لابيد إنه يرمي إلى تحديث الكيان الصهيوني على النمط الغربي، ويهاجم "نفوذ الجيتو اليهودي الأوروبي" الذي يقول إنه لا زال يهيمن على عقلية اليهود ذوي الأصول الأوروبية، و"البيئة الفاسدة والمتخلفة" للشرق الأوسط، ولكن لابيد الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الأوساط العلمانية الصهيونية، أسس هذه الشعبية على نشر الكراهية والتعصب، فهو يهاجم بشكل متكرر العرب والأجانب ورجال الدين واليهود الشرقيين وحتى النساء.
ويبدو أن تومي لبيد يجهِّز نفسه لاستبدال حزب العمل في حكومة الوحدة الصهيونية بل وعلى الخارطة السياسية، بعد أن أزاح حركة ميرتس من طريقه؛ حيث بدأ يطلق تصريحات يقصد منها التحدث إلى اليسار الإسرائيلي والفئات المترددة، ولكن من خلال الحفاظ على مغازلة اليمين.
ومن هذه التصريحات قوله لشبكة التلفزة الأمريكية (سي. إن. إن)- عشية الانتخابات-: "إن الحكومة الإسرائيلية القادمة يجب أن تتخلى عن مستوطنات إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية".
إلا أن لبيد يرفض تقسيم القدس، ويرى أن على الفلسطينيين إدارة قطاعات خاصة بهم داخل مدينة القدس "تحت قيادة نائب بلدية مستقل دون أن يكون هناك حاجزٌ مثل سور برلين داخل مدينة القدس"، ويشترط لبيد تخلِّي الفلسطينيين عن حق العودة كشرط للاعتراف بالدولة الفلسطينية القادمة.
غير أن لبيد كغيره من القيادة الإسرائيلية الصهيونية يرفض التعامل مع ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، معتبرًا إياه "حالةً ميئوسًا منها"، وانتقد ما اعتبره "رفضًا من عرفات لخطة السلام التي "عرضها" عليه رئيس الوزراء السابق إيهود باراك" التي يقول إنها حَظِيَت بتأييد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
يُشار إلى أن لبيد استخدم في معركته الانتخابية العَداء للأحزاب الدينية المتزمِّتة، التي ابتزَّت السلطة والخزينة العامة في الكيان الصهيوني، وحقَّق من خلال مهاجمته لها مكاسب انتخابيةً جمَّةً، لكنه وكما يبدو من أول تصريحات له صدرت بعد إعلان نتائج الانتخابات فإنه يميل إلى الانضمام إلى الحكومة، حتى لو تواجدت فيها بعض الأحزاب الدينية، بل هو على استعداد للجلوس إلى جانب شاس، حول طاولة الحكومة إذا أعلن رئيس الحكومة عن شكيل حكومة طوارئ، في حالة اندلاع حرب في المنطقة.