الكاتب الشيخ عبد الحميد بن باديس
دعوة جمعية العلماء الجزائريين وأصولها
الأصل الأول : الإسلام هو دين الله الذي وضعه لهداية عباده وأرسل به جميع رسله، وكمله على يد محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي لا نبي بعده.
الأصل الثاني: الإسلام هو دين البشرية الذي لا تسعد إلا به، وذلك لأنه :
أولا : كما يدعو إلى الأخوة الإسلامية بين جميع المسلمين ، يذكر بالأخوة الإنسانية بين البشر أجمعين.
ثانيا : يسوي في الكرامة البشرية والحقوق الإنسانية بين جميع الأجناس والألوان.
ثالثا : لأنه يفرض العدل فرضا تاما بين جميع الناس بلا أدنى تمييز.
رابعا : يدعو الإسلام إلى الإحسان العام.
خامسا : يحرم الظلم بجميع وجوهه وبأقل قليله من أي أحد من الناس .
سادسا : يمجد العقل ويدعو إلى بناء الحياة كلها على التفكير .
سابعا : ينشر دعوته بالحجة والإقناع لا بالختل والإكراه .
ثامنا : يترك لأهل كل دين دينهم يفهمونه ويطبقونه كما يشاؤون .
تاسعا : شرك الفقراء مع الأغنياء في الأموال ، وشرع مثل القراض والمزارعة والمغارسة، مما يظهر به التعاون العادل بين العمال وأرباب الأراضي والأموال.
عاشرا : يدعو إلى رحمة الضعيف فيكفي العاجز ويعلم الجاهل ويرشد الضال، ويعان المضطر ويغاث الملهوف وينصر المظلوم، ويؤخذ على يد الظالم.
حادي عشر: يخرم الاستعباد والجبروت بجميع وجوهه.
ثاني عشر: يجعل الحكم شورى ليس فيه استبداد ولو لأعدل الناس.
الأصل الثالث: القرآن الكريم هو كتاب الإسلام .
الأصل الرابع: السنة القولية والفعلية الصحيحة تفسير وبيان للقرآن .
الأصل الخامس: سلوك السلف الصالح « الصحابة والتابعين وأتباع التابعين » تطبيق صحيح لهدي الإسلام .
الأصل السادس: فهوم السلف الصالح أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسنة.
الأصل السابع: البدعة كل ما أحدث على أنه قربة وعبادة ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعله ، وكل بدعة ضلالة.
الأصل الثامن: المصلحة كل ما اقتضته حاجة الناس في أمر دنياهم ، ونظام معيشتهم وضبط شؤونهم، وتقدم عمرانهم ، مما تقره أصول الشريعة .
الأصل التاسع: أفضل الخلق هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأنه :
أولا : اختاره الله لتبليغ أكمل شريعة إلى الناس عامة.
ثانيا : كان على أكمل أخلاق البشرية.
ثالثا : بلغ الرسالة ومثل كمالها بذاته وسبرته.
رابعا : عاش مجاهدا في كل لحظة من حياته في سبيل سعادة البشرية جمعاء حتى خرج من الدنيا ودرعه مرهونة.
الأصل العاشر: أفضل أمته بعده هم السلف الصالح لكمال اتباعهم له.
الأصل الحادي عشر: أفضل المؤمنين هم الذين آمنوا وكانوا يتقون ، وهم الأولياء الصالحون ، فحظ كل مؤمن من ولاية الله على قدر حظه من تقوى الله.
الأصل الثاني عشر: التوحيد أساس الدين، فكل شرك في الاعتقاد أو في القول أو في الفعل فهو باطل مردود على صاحبه.
الأصل الثالث عشر: العمل الصالح المبني على التوحيد به وحده النجاة والسعادة عند الله فلا النسب ولا الحسب ولا الحظ بالذي يغني الظالم شيئا .
الأصل الرابع عشر: اعتقاد تصرف واحد من الخلق مع الله في شيء ما شرك وضلال ، ومنه اعتقاد الغوث والديوان.
الأصل الخامس عشر: بناء القباب على القبور ووقد السرج عليها والذبح عندها لأجلها والاستغاثة بأهلها ضلال من أعمال الجاهلية ، ومضاهاة لأعمال المشركين، فمن فعله جاهلا يُعلَّم، ومن أقره ممن ينتسب إلى العلم فهو ضال مضل .
الأصل السادس عشر: الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف، ومبناها كلها على الغلو في الشيخ، والتحيز لاتباع الشيخ ، وخدمة دار الشيخ وأولاد الشيخ ، إلى ما هنالك من استغلال وإذلال وإعانة لأهل الإذلال والاستغلال ، ومن تجميد للعقول وإماتة للهمم وقتل للشعور وغير ذلك من الشرور .
الأصل السابع عشر: ندعو إلى ما دعا إليه الإسلام ، وما بيناه من الأحكام بالكتاب والسنة وهدي السلف الصالح من الأئمة مع الرحمة والإحسان دون عداوة أو عدوان .
الأصل الثامن عشر: الجاهلون المغرورون أحق الناس بالرحمة.
الأصل التاسع عشر: المعاندون المستغلون أحق الناس بكل مشروع من الشدة والقسوة.
الأصل العشرون: عند المصلحة العامة من مصالح الأمة يجب تناسي كل خلاف يفرق الكلمة ويصدع الوحدة ، ويوجد للشر ثغرة ، ويتحتم التآزر والتكاتف حتى تنفرج الأزمة وتزول الشدة بإذن الله ، ثم بقوة الحق وادراع الصبر وسلاح العلم والعمل والحكمة } قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [ (يوسف:108)
عبد الحميد بن باديس بقسنطينة بالجامع الأخضر إثر صلاة الجمعة 4 ربيع الأول 1356هـ
(نشر في البصائر ، السنة الثانية العدد 71 ربيع الثاني 1356هـ الموافق لـجوان 1937)