بحث عن المسألة الشرقية – بحث دراسي شامل حول المسألة الشرقية
مقدمة
مضت قرون على العرب كانوا خالدين إلى الاستكانة صابرين على أحكام الزمان الجائر صبر الكريم إذا جرحت نفسه الكبيرة . فإن هذه الأمة الكريمة التي شهد لها التاريخ بالمجد , والسؤدد والارتقاء و هذه الأمة التي أقر لها العالم اجمع بالتفوق و السبق إلى العلوم و الاختراعات هذه الأمة التي دوخت الأمصار و نشرت لواء العظمة والسيادة ما لا يطمع معه بمزيد من الصيت فأخذت بعزة نفسها فسقطت من أسمى درجات المجد إلى حظيض الانحطاط لكن هذه السقوط لم يكسر شوكة أبنائها . و أطفأ شعلة الحماسة في صدورهم لكنه طمر عليها برماد الظلم فأضطرها إلى الاستكانة والصبر زمناً طويلا كان مرافقاً للترك فأدخل العرب إلى ظل شوكتهم عن طيب خاطر ورضا منا لغنيمة بصيانة معالم قوتهم و الاحتفاظ بدينهم الشريف حتى إذا هبت عليهم رياح الإتحادين للسنوات الاخيره.
وظل فوق رؤوسهم سيف الاستبداد قاطعاً أوامر قوميتهم مشتتاً شمل عنصرهم مفككاً دينهم واتحادهم نسفت تلك الرياح الرمال المتراكمة فنفضوا عنهم غبار الاستكانة والقيم وهبوا في وجه الظلام طالبين الاستقلال بشفا ر السيوف ورفع الشريف الحسين أمامهم راية الاستقلال الحرية فجعلوا حولهم من مهجتهم وأكبادهم حصوناً ومعاقل لحمايتها هذا كل ما يدفعه الرأي العام عن ثورة العرب وأسبابها وقد جهل أمورا خطيرة الشأن عن ماضي هذه الثورة وحاضرها .
في هذا البحث سوف أتطرق إلى جزء من حقائق أدت إلى هبوب رياح الثور العربية في وجه الطغاة بقيادة الشريف الحسين بن علي .
المسألة الشرقية في الماضي
عرف رجال السياسة وكبار الكتاب المسالة الشرقية بقولهم ( بأنها نزال شديد بين الأمم التركية و الأمم التي تحت حكمها أو التي كانت تحت حكمها من جهة ودخول الدول العظمى في هذا النزاع لسد إطماعها وتحقيق آمالها المتناقضة من جهة أخرى ) . ( 1)
وظهرت هذه المسالة في عالم الوجود بظهور الترك في أوروبا وتعقدت بدخول روسيا في مصاف الدول العظمى و إجبارها على حلاً يلائم مصالحها وكانت بروسيا اكبر مزاحة لروسيا في أوروبا وكانت النمسا اكبر مزاحمة لها في الشرق فنشأ عن ذلك أن بروسيا جعلتها تدخل في مسائل الشرق على قلة مصالحها فيها رغبتا في عرقلة مساعي روسيا وان سياسة النمسا الأوروبية كان محورها الشرق وغايتها جعله أفق من روسيا جارتها القومية .
وقد كانت المسالة الشرقية سبباً في معظم المشاكل التي وقعت في العالم من القرن السادس عشر إلى هذا اليوم وبلغت أقصى شانها لأول مرة في التاريخ بعد انهزام العثمانيين في معركة ( كان برج) و أبرام ” المحالفة المقدسة ” التي كانت ترمي لطرد الترك من أوروبا وتقسيم الشرق بين روسيا والنمسا وقد أسفرت تلك المحالفة عن حروب عديدة مع الدولة العثمانية انتهت بمصالحة كار لو فينز . سنة ( 1699 م ) . وباسا دور فينز سنة ( 1718 م ). اللتين جلا الترك بمقتضاها عن معظم أنحاء العالم مثل ” البوسنة , وقسم من سربيا ” .
ولم تكتفي حول ” المحالفة المقدسة ” لضم هذه البلاد مترامية الأطراف إلى أملاكها بل رأت أن الوقت قد حان للقضاء على الدول العثمانية قضاء مبرماً فاتفقت على تقسيمها وكادت تنجح في تحقيق آمالها لولا مداخلة فرنسا في الأمر. في الاستعانة في ابرم معاهدة بلفور على ما يوافق مصلحة الدولة العثمانية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) : سهيلة الريماوي , ثورة العرب الكبرى 1916 , ط2 , 1991 , ص 4.
التنافس ألأوروبي على المشرق العربي
في سنة 1768 م. تعقدت مشكلة بولندا التي كانت فرعا من المسالة الشرقية فأمر ألإمبراطورة كاترينا تعين البرنس بودنيا بونفسنكي خلفا للملك اوتمت الثالث على عرش بولندا فوقفت فرنسا في وجهها وأقنعت السلطان مصطفى الثالث بإعلان الحرب عليها ففعل لأنه رأى ذلك في مصلحة بلاده أيام معاهدة كوجوك فينارجي ( 1774 م ) . التي وضعت الدولة العثمانية تحت رحمة روسيا فجعلت تعمل على إخراجها من الخارج والداخل أيضا فاتفقت مع النمسا سنة 1772 م . على جعل الآستانة عاصمة إمبراطورية يونانية جديدة تحت سلطتها وأخذت تحث العناصر البلقانية على إعلان الثورة وخلع العنصر التركي من أعناقها , وكان أساس معاهدة قامت سنة 1776 م . بين روسيا والنمسا . وان تحتل النمسا البلقان الذي أي البوسنة و الهرسك و مقدونية …الخ .
وعدلت هذه المعاهدة سنة 1781م . على أساس استقلال العناصر البلقانية تحت سيادة روسيا والنمسا ولكن الدول العظمى لم تكن تسمح بهذا التقسيم من غير أن تأخذ حصتها فكلفت فرنسا الكونت دي كور أن يتفق مع روسيا على تقسم الشرق وأن يتنازل لها عن البلقان مقابل ضم سوريا ومصر إلى فرنسا وقد تعذر عليهم هذا الاتفاق لأسباب عدة فطلبت فرنسا مسالمة إنكلترا للوقوف في وجه الروس والنمساويين فلم تجبها لطلبها واضطرت الدول الثمانية أن تفدي نفسه بمقاطعه في معاهدة 1783 م. دخل العثمانيون في حرب جديدة مع روسيا والنمسا بسبب بولندا ففازوا في بادىء الأمر على الروس وقهروا النمساويين في معاركك عديدة ولكنهم خانهم الحظ في النهاية فانهزمت جيوشهم شر انهزام واضطروا لإبرام معاهدة سياسية وقد رضيت الإمبراطورة كاترينا بتلك المعاهدة لأن أنظارها كانت متجهة لـ بولندا في ذلك الوقت . (2)
من هنا نرى إن الأطماع الأوروبية كانت متجهة إلى الشرق العربي كونه مصدر لكثير من حل ألازمات التي كانت تمر بها الدول الأوروبية . ولقد رأينا أن أنصارها اتجهت إلى المشرق العربي بشكل متخفي . من خلال إبرام المعاهدات و الاتفاقيات ….الخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 2) : القليقلي , عبد الله : التقليد , مقتطف , المجلد 66 ( مارس 1925 ) ص 302 _ 304 .
المسألة العربية
تعرف المسألة العربية بما عرفت عنه المسألة الشرقية لأنها فرع منها فهي ” نزاع شديد بين الترك الذين استأثروا بالسلطة في الماضي وعقدوا النية على الاستئثار بها في المستقبل أيضا مع جهلهم وقلة عددهم من جهة والعرب الذين يطلبون المساواة باسم الحق و القانون و القوة من جهة أخرى واهتمام أوروبا بهذا النزاع ودخولها فيه سرا لأطماعها وتحقيقا لأمانيها المتناقضة ” (3).
وكانت المسالة العربية من أهم أسباب الحرب لا سيما الحرب العثمانية لان أطماع ألمانيا في البلاد العربية بلغت حدا لم يسع لإنكلترا و فرنسا وروسيا للسكوت عنه لأن الإتحادين الذين تأمروا على كيان العرب مع الألمان لم يترددوا أبدا من دخول الحرب شدّ لأزرهم ورغبة في انتهاز الفرصة لضرب الأمة العربية ضربة لا تقوم لها قائمة بعدها.
فقد قال احد زعماء الترك في هذا الشأن :
( لا أمل لنا بعد ألان أن نحكم البلاد العثمانية كمستعمرة تركية و لاسيما البلاد العربية التي فتحها أجدادنا بالسيف لان حكومتنا صارت دستورية لسوء الحظ و لأننا نحن الأقلية في الدول فإذا خضنا غمار الحرب وحالفنا النصر وقضينا على العناصر غير التركية أعظم قضاء . وإذا انكسرت جيوشنا وضاعت بلادنا فلا نخسر شيئا لان المستقبل الدول ليس لنا و لان الحكم ذاهب من يدنا . ) (4)
المسالة العربية ظهرت في عالم الوجود بانقراض دولة العرب وتعددت بظهور غلاة الترك من الإتحادين واستلامهم زمام الأمور و إيرادهم الدولة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) : قدري قلعجي: الثورة العربية الكبرى – بيروت – الطبعة الأولى – 1993م
نبذه جغرافية عن المشرق العربي
البلاد العربية هي البلاد التي يحدها من الشمال جبال طوروس ومن الشرق إيران وخليج فارس ومن الجنوب المحيط الهندي ومن الغرب البحر الأحمر و البحر المتوسط . وتشمل سوريا و العراق وشيه الجزيرة العربية .
سوريا : تقسم سوريا إلى ثلاثة ولايات هي :
1- حلب .
2- الشام .
3- بيروت .
العراق : تقسم إلى ثلاثة ولايات هي :
1- بغداد .
2- الموصل .
3- البصرة .
شبه الجزيرة العربية : تقسم شبه الجزيرة العربية إلى عشرة أقسام هي :
1- الحجاز 2 – اليمن
3- وعسير 4- نجد
5- حظر موت 6- قطر
7- عَمان 8- البحرين
9- الكويت 10- بادية الشام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 5) : زيادة , نيقولا –دراسات في الثورة العربية الكبرى , الشركة الأردنية للتوزيع والنشر , عمان .