منذ شهر نوفمبر عام 1942م كانت جيوش المحور في الصحراء الكبرى تقوم بعملية تراجعٍ غير منظمة عبر أراضي ليبيا و مع أنها انسحبت من مصر إلا أنها لم تكن قوةً منهكة ، فسنتان من القتال في الصحراء أكسبت قوات المارشال رومل الخبرة في تحمل المشاق و شهرةً واسعة ، و في شهر يناير وصلت القوات الألمانية المنسحبة إلى تونس فدعمت المدافعين الألمان المحاصرين و جعلت من الممكن شن هجومٍ مضاد ضد وحدات الحلفاء و التي كانت تتجمع من جهة الغرب .
و منطقة ممر قصرين موجودة في تونس توجد فيها تباب و غابات ، و منذ وصول المارشال الألماني رومل بعد عودته من الرحلة العلاجية التي كانت بعد معركة العلمين اتخذ المبادرة .
في 14/2/1943م جاء دور الأميركيين لمواجهة عبقرية رومل عندما ضرب ضربته في منطقة ممر قصرين مباغتاً أعداءه كالعادة ، فأطلق دبابته (( النمر )) ضد الأميركيين الذين تكبدوا خسائر هامة لحداثة عهدهم في حروب الصحراء ، و جرت معركة حقيقية بين الدبابات الأميركية و وحدات الدبابات الألمانية العالية التدريب ، و في وقتٍ قصير كان عدد كبير من الدبابات الأميركية من طراز شيرمان تحترق في ساحة المعركة و هرب ما تبقى منها نحو الغرب . كانت دبابات رومل تعمل في السهول الشاسعة ، ثم اخترق رومل خطوط الحلفاء عند منطقة ممر قصرين .
و في حركة تطويقٍ جريئة شقت وحداتٌ من الفيلق الأفريقي الألماني طريقها عبر الجبال باتجاه الجنوب فحاصرت أكثر من 2500 جندي من القوات الأميركية . حاصر المارشال رومل الجيش الأميركي الثاني في منطقة ممر قصرين و هناك خسر الأميركيون أكثر من 150 دبابة و 6000 آلاف رجل ما بين قتيل و جريح و أسير ، الهجوم الألماني أخذ الأميركيين على حين غرة حيث كان الأميركيون المنذهلون يعيدون تجميع قواتهم ، و وجهة ضربةً على أحد المواقع في يوم 20/2/1943م و انقضوا على الأميركيين ، حيث جرت معارك دامية عند الجبال المتوحشة في منطقة ممر قصرين و ألحقوا بالأميركيين هزيمةً منكرة و دمروا سرية دباباتٍ بريطانية أرسلت لتعزيزهم ، كان ذلك صعباً على الجنود من الطرفين ، بحيث كاد ذلك أن يؤدي إلى هزيمةٍ فاصلة لقوات الحلفاء ، غير أن وعورة الممرات الجبلية أمام دباباته حالت دون تحقيق نصرٍ نهائي .
طلب رومل أن يتم تزويده بالمزيد من دبابات النمر ، حتى يتمكن من التقدم في اختراقه لصفوف الحلفاء ، لكن إيطاليا طالبت رومل بالحذر و منعته من استثمار الانتصار و لهذا رفض طلبه ، لم تكن المعركة فاصلة لكنها قضت على ثقة القوات الأميركية بنفسها .
و سرعان ما وجد رومل أن طريقه قد سد من قبل فرقٍ جديدة للحلفاء دفعت بسرعة إلى المنطقة و بعد أن تراجع الأميركيون 90 كلم عادوا فتصلبوا و استعادوا تنظيمهم ثم انقضوا على الألمان و أعادوهم إلى حيث كانوا من قبل ، بسبب التجهيز و الإمداد الذي كان أكثر تفوقاً في ساحة المعركة ، لقد ساهم الفيلق الأفريقي الألماني بشكلٍ كبير في الهزيمة المذلة التي حلت بالفيلق الأميركي الثاني في معركة ممر قصرين ، كانت هزيمة ممر قصرين بمثابة ضربةٍ موجعة للروح المعنوية الأميركية سواء في أفريقيا أو في أميركا نفسها و مع أن الألمان أنزلوا بالحلفاء هزيمةً ساحقة إلا أنهم وقفوا مشدودين إزاء الموارد الهائلة لخصمهم ، فقد دمروا و استولوا على كمياتٍ ضخمة من المعدات إلا أن المزيد منها كان يصل للحلفاء كل ساعة و لكن هذه المعركة كانت آخر الانتصارات للفيلق الأفريقي الألماني .