شن الزعيم الليبي معمر القذافي -في ثاني ظهور تلفزيوني له- هجوما شرسا على المطالبين برحيله، وهدد بخوض حرب استئصال على من نعتهم بالجرذان والمأجورين، وتوعدهم بعقوبة الإعدام مستنزلا عليهم لعنة الله، وداعيا أنصاره لمواجهتهم في الشوارع وتنظيف ليبيا منهم بيتا بيتا.
وقال القذافي في خطابه إنه سيقاتل إلى آخر قطرة من دمه فهو "صخرة صماء تحطمت عليها أميركا"، ولن يتنحى لأنه "قائد ثورة والثورة تعني التضحية دائما وأبدا حتى نهاية العمر"، مضيفا "أنا لو عندي منصب أو كنت رئيسا لكنت لوحت الاستقالة على وجوهكم، لكن أنا ما عندي شيء أستقيل منه".
وأضفى القذافي على نفسه نعوت العظمة وألقاب الزعامة قائلا "أنا المجاهد الأكبر.. معمّر القذافي مجد، تاريخ، مقاومة، وتحرر... القذافي ليس رئيساً ورجلاً عادياً لنقتله بالسم... هذا مجد لا تفرط فيه ليبيا ولا الشعب الليبي ولا الشعب العربي والإسلامي".
استجداء الشعب
لكنه في المقابل نعت المطالبين برحيله بأنهم جرذان ومأجورون يرتزقون من المخابرات الأجنبية، ثم زاد في وصفهم ما كان ابنه سيف الإسلام قاله عنهم سابقا من أنهم مدمنو مخدرات وحبوب هلوسة جلبوا العار لأهلهم وعشائرهم وقبائلهم.
وهدد القذافي في خطابه بإعدام كل من يستخدم القوة ضد سلطة الدولة، داعيا محبيه إلى الخروج رجالا ونساء وأطفالا من بيوتهم للقبض على "الجرذان، فأنتم ملايين وهم لا يتجاوزون مائة"، وطالب أهاليهم باعتقالهم وتسليمهم للشرطة.
وفيما بدا استجداء للشارع لنصرته، عاب القذافي على أنصاره خوفهم من المتظاهرين، قائلا "ما هذا الرعب من عصابات مثل الجرذان... اخرجوا من بيوتكم وداهموهم في أوكارهم... اقبضوا على الجرذان، أمنوا الشوارع... وتذكروا ما قامت به الثورة من جلاء الأميركيين والإنجليز والنهر الصناعي وعودة النفط لليبيين".
التهديد بالإعدام
وأشار إلى أن هناك إرهاباً في بنغازي يجرى الآن بعد أن سلم السلاح إلى أطفال غرر بهم وقدمت لهم حبوب الهلوسة والأموال، وهاجموا الثكنات وأحرقوا الملفات التي تدينهم، واستولوا على الدبابات والسلاح لترهيب سكان المدينة التي قال إنه بناها بيديه.
ورغم التصدي الدموي للمحتجين "الذي جلب انتقادات دولية للقذافي فإنه أشار إلى أنه "لم يستخدم القوة بعد... والقوة تساند الشعب الليبي، وإذا وصلت الأمور لاستخدام القوة فسنستخدمها وفقا للقانون الدولي والدستور والقوانين الليبية... ما زلت لم آمر بالرصاص بعد، ولكن عندما يصدر الأمر باستعمال القوة فسنكون أهلها".
واستشهد القذافي -في معرض تبريره لقانونية استخدام القوة المفرطة- بما فعله الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسن حين طوق مجلس الدوما (البرلمان) بالدبابات، وقصفه على مرأى ومسمع من العالم الذي لم يعترض على هذه الخطوة.
"
القذافي:
أنا المجاهد الأكبر.. معمّر القذافي مجد، تاريخ، مقاومة، وتحرر... القذافي ليس رئيساً ورجلاً عادياً لنقتله بالسم... هذا مجد لا تفرط فيه ليبيا ولا الشعب الليبي ولا الشعب العربي والإسلامي
"
إمارات إسلامية
وتكرارا لما قاله ابنه في خطاب سابق من أن إمارتين إسلاميتين قامتا في ليبيا الآن، قال القذافي إن البديل عنه وعن نظامه قيام إمارات تابعة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ووجود ليبيا "لا تريد العز والثورة وتريد الدروشة واللحى والعمائم".
وقال القذافي إن ليبيا قد تصبح مثل الصومال والعراق تحتلها القوات الأميركية التي لن تسمح بإقامة أمارات إسلامية في مدنها الشرقية أو في شمال أفريقيا، داعيا أتباعه إلى الزحف على مدينة درنة (شرق) لأن من يحكمها الآن هم من أتباع بن لادن.
كما لعب على وتر الحرب القبلية، قائلا إن الاستمرار في الاحتجاجات سيؤدي إلى حرب أهلية لا قبيلة تحكم قبيلة "نحن قبائل مسلحة وبإمكاننا التمرد وهذا يقودنا إلى حرب أهلية"، وخوف من الفوضى إذا ما وصل "الجرذان" إلى النفط لتعود البلاد إلى ظلام عام 1953.
وعود بالإصلاح
وبعد أن هدد معارضيه قال القذافي إنه لا مانع عنده من أن يضع الشعب الليبي دستورا أو أي منظومة أخرى لتنظيم الحياة في البلاد، لأن سلطة الشعب تصنع القانون"، وإذا لم تكن لدى الشعب ثقة باللجان الشعبية فليمسك البترول بنفسه ويأخذ حصته منه، دون أن يبين كيف ذلك.
وألمح القذافي إلى قطر وقناة الجزيرة عندما أشار إلى "قنوات قذرة تشوه صورة ليبيا أمام العالم"، وأضاف "بارك الله فيكم يا إخوتنا في قطر، هذه آخرة الخبز والملح بيننا".
وختم القذافي خطابه وهو يدق على المنضدة أمامه صائحا "قد تندمون ساعة لا ينفع الندم، من أنتم، دقت ساعة العمل، دقت ساعة الزحف، دقت ساعة الانتصار. لا رجوع. إلى الأمام إلى الأمام إلى الأمام، ثورة ثورة".
يشار إلى أن القذافي قبل أن يلقي خطابه يوم الثلاثاء ظهر صباحا في بث لمدة 22 ثانية يكذب فيه شائعة فراره إلى فنزويلا، كما ألقى نجله سيف الإسلام خطابا يوم الاثنين استعمل في "العصا والعصا"، كما يقول مراقبون.
المصدر: الجزيرة + وكالات