السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته :
في كل مكان يوجد موظفون مهملون كما يوجد رؤساء مزعجون ، وفي كلتا الحالتين تجد أصابع
الاتهام تشير الى الطرف الآخر , فالموظف المقصر يتهم رئيسه باحباطه, فيما يشكو الروساء
من موظفين لا يؤدون مهامهم ويضيعون أوقات العمل ويسببون المشكلات, ولكن الحقيقة التي
تغيب عنا هي أن بعض الموظفين يحتاجون الى التحفيز المستمر لينتجوا...
يحب اليابانيون الأسماك الطازجة ولكن المياه القريبة من شواطئهم ليس فيها عدد كاف من
الأسماك, لذا صنعت شركات صيد الأسماك سفنا كبيرة لتبحر الى مناطق أبعد وتصطاد كمية
أكبر من الأسماك, الا أن هذه السفن تحتاج الى عدد من الأيام حتى تعود للشاطئ مما جعل
الأسماك التي تصل الى السوق وهي غير طازجة فلا تروق للمستهلك الياباني للتغلب على هذه
المشكلة زودت شركات الصيد اليابانية سفنها بمجمدات للحفاظ على الأسماك وصار الصيادون
يجمدون الأسماك حتى عودتهم مما مكنهم من الذهاب إلى مناطق أبعد, ولكن ذلك لم يعجب
المستهلك الياباني الذي استطاع تمييز طعم السمك الطازج من السمك المجمد! فكرت الشركات
مرة أخرى بحل سريع لارضاء ذوق المستهلك وابتكرت طريقة جديدة بأن زودت سفنها
بخزانات مياه لابقاء الأسماك التي يتم اصطيادها حية حتى العودة وبالتالي بيعها وهي طازجة
فكرة رائعة أليس كذلك؟ لكن الأسماك بعد فترة قصيرة من الحركة في خزانات الماء تبدأ
بالتوقف عن الحركة بسبب التعب والفتور مع أنها تبقى على قيد الحياة. المشكلة كانت في أن
المستهلك الياباني استطاع تمييز طعم السمكة التي تتوقف عن الحركة ولم يجد فيها طعم السمك
الطازج الذي يريده ، ترى لو كنت مسؤولا أو مستشارا لدى احدى شركات الصيد اليابانية فهل
ستبحث عن حل جديد.. أم تقول دعوا المستهلك يعترض فهو سيرضخ في النهاية؟ أم ستقود
حملة اعلانية لاقناع الزبائن بجودة الأسماك التي تتوقف عن الحركة؟ فكر اليابانيون وتوصلوا
الى حل مبتكر وفعال.. فقد وضعوا في كل خزان لحفظ الأسماك الحية سمكة قرش صغيرة
تقوم سمكة القرش بالتحرك والدوران في الخزان وتتغذى على بعض الأسماك الموجودة فيه
ولكنها تبعث الحيوية في بقية الأسماك التي تظل تتحرك الى أن تعود السفينة الى الشاطئ
فيصبح مذاقها طازجا وكأنه تم اصطيادها للتو ....
في عالمنا شبه كبير بعالم الأسماك فالملل والفتور و الروتين الذي يصيب البعض في عمله
ويجعلنا نصف العديد من الموظفين بالمتقاعسين والكسالى سببه أنهم يفتقدون الدافع والحافز
للعمل, فكل منا بحاجة الى تحديات تناسبه تكون دافعا له على الحركة والتفكير والابداع, و
هذه التحديات هي أسماك القرش التي يحتاجها بعض الموظفين ليحقق انجازات تفوق قدراته
المعتادة مما يشعره بالاثارة والرضا ويحول العمل من وهم وواجب الى متعة ومهمة شيقة .
هــمــ الحنين ــس