تقرير أمريكي جديد، كشف أن جهاز الموساد الإسرائيلي تمكن خلال السنوات الماضية، وبالتعاون مع القوات الأمريكية في العراق المحتل، من قتل 350 عامل نووي، وأكثر من 200 أستاذ جامعي
*
وهو التقرير الذي لم تنفه الخارجية الأمريكية، بل رفعته إلى الرئيس السابق جورج بوش الإبن، الذي لم يفعل شيئا طبعا، ولم يقدم شخصا واحدا إلى المحاكمة، وفقا لما ذكرته صحيفة أخبار العراق قبل فترة؟ !
*
التقرير ذاته يشير إلى أن عمليات القتل، تمت بعد أن فشلت الجهود الأميركية منذ بداية الغزو في استمالة عدد من العلماء للتعاون والعمل في الأراضي الأميركية، مبينا أن هؤلاء العلماء خضعوا لمراحل طويلة من الاستجواب والتحقيقات الأميركية والتي ترتب عليها إخضاعهم للتعذيب، إلا أن إسرائيل كانت ترى أن بقاء هؤلاء العلماء أحياء يمثل خطرا على الأمن الإسرائيلي في المستقبل. وأكد أن إسرائيل رأت أن الخيار الأمثل للتعامل مع هؤلاء العلماء هو تصفيتهم جسديا، وأن أفضل الخيارات المطروحة لتصفيتهم هو في ظل انتشار أعمال العنف الراهنة في العراق .
*
ما ذكرناه سلفا، قد لا يكون جديدا بالنسبة للكثيرين، إلا أن سبب الإشارة إليه مجددا، ولو على سبيل (فذكِّر، لعل الذكرى تنفع المؤمنين)، يأتي متزامنا مع الرحيل المدوي لكبار العلماء في المنطقة العربية مؤخرا، وتحديدا، نصر حامد أبو زيد، محمد عابد الجابري، وأخيرا... محمد أركون، مرورا طبعا، بغازي القصيبي وأحمد البغدادي. ترى ما هي مسؤولية الأمة نحو هؤلاء العلماء؟ وما هي حدود الجريمة التي ارتكبناها بفقدانهم؟! وهل كانوا يستحقون فعلا أن يمارسوا تعقلهم في منطقة تغرق في الأمية والمعاصي والاستبداد وغياب المنطق، والشذوذ الفكري، والعاهات الفضائية، أم خسروا راحة بالهم وضيعوا متعة انعزالهم وبددوا حياتهم العائلية في سبيل " لا شيء " ؟ !
*
نصر حامد أبو زيد توفي بفيروس أصابه في رحلة علمية بآسيا، فخرج بعض خصومه ليقولوا : " أنظروا ماذا حلّ بالكافر الزنديق، فقد لحقه غضب الله في الدنيا والآخرة " ؟ !!
*
محمد أركون رحل تاركا وصية بدفنه في الدار البيضاء المغربية، فانتفض أشباه الوطنيين عندنا، ممن لم يقرأوا له كتابا واحدا للتشكيك في ولائه واتهموه بالخيانة واللاوطنية؟ !
*
من أعطى لهؤلاء حق التكلم باسم الله والوطن؟ من منحهم مرتبة خاصة لمحاكمة العقول في الدنيا والآخرة؟! أليست جريمة هؤلاء تشبه في قسوتها وبشاعتها ما ارتكبه الموساد في حق علماء العراق؟! ما الذي يجعل قتل عالم، أو مفكر، بالرصاص مختلفا عن اغتياله بالنسيان والإشاعات والتعتيم؟ إلى متى يستمر قذف المحصنين بالعقل، الملتزمين بالفكر من طرف العابثين، وأنصاف المتدينين، أشباه الوطنيين، وما أكثرهم في هذه الأمة؟ !