أحد عتاة الإجرام الصهيوني، وهو رئيس الوزراء السادس لإسرائيل.
ولد مناحم بيجين عام 1913 في مدينة بريست لتوفيسك في روسيا, وبعد أن أكمل تعليمه الأول سافر إلى بولندا والتحق بجامعة وارسو؛ حيث حصل فيها على شهادة عليا في الحقوق, وفي ذلك الوقت انضم إلى حركة البيتار الصهيونية في بولندا، وفي عام 1940 اعتقلته السلطات السوفييتية بتهمة التجسس, ثم أُطلق سراحه والتحق بالجيش البولندي العامل في الاتحاد السوفييتي.
سافر إلى فلسطين عام 1942 وتولى قيادة فرع المنظمة هناك، وفي العام التالي أصبح رئيسًا لحركة الأرجون (إحدى المنظمات الإرهابية الصهيونية).
في عام 1944 أعلنت الأرجون معارضتها لسياسة الانتداب البريطاني في فلسطين؛ لأنها كانت تفرض شروطًا على الهجرة اليهودية إليها.
مذبحة دير ياسين
في 9 أبريل عام 1948- قبل شهر وبضعة أيام من إعلان قيام إسرائيل- أقدمت منظمة الأرجون برئاسة مناحم بيجين بالاشتراك مع منظمة شتيرن ليحي برئاسة إسحق شامير على القيام بمذبحة في قرية دير ياسين؛ من أجل السيطرة على الأوضاع في فلسطين؛ تمهيدًا لإقامة الدولة اليهودية, وكان العرب في ذلك الوقت يحرزون الانتصارات المتوالية على اليهود بزعامة البطل الفلسطيني عبد القادر الحسيني؛ لذلك فقد كان اليهود في حاجة لانتصار "من أجل كسر الروح المعنوية لدى العرب ورفع الروح المعنوية لدى اليهود" على حد قول أحد ضباط اليهود.
دخلت القوات اليهودية في فجر ذلك اليوم إلى قرية دير ياسين- وهي قرية صغيرة تقع على بُعد بضعة كيلو مترات من القدس يقطنها 400 شخص ولا يملكون إلا أسلحةً قديمةً يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الأولى؛ حيث دخلت قوات الأرجون من شرق وجنوب القرية، بينما دخلت قوات شتيرن من الشمال ليحاصروا القرية من كل جانب باستثناء الجانب الغربي وليفاجئوا السكان وهم نائمون، وقد لاقى الهجوم مقاومة من سكان القرية في البداية وأدى إلى مصرع 4 وجرح 40 من المهاجمين.
ولمواجهة صمود أهل القرية تم قصفها بمدافع الهاون لتسهيل مهمة المهاجمين, ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خاليةً تمامًا من أي مقاومة, ثم قامت قوات الأرجون وشتيرن "باستخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيدًا وهو الديناميت" على حد قول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسييون، وتم تفجير القرية بيتًا بيتًا, وبعد نفاذ المتفجرات قاموا "بتنظيف المكان" من العناصر المتبقية من المقاومة عن طريق القنابل والمدافع الرشاشة؛ حيث كان يتم إطلاق النيران على كل من يتحرك داخل المنازل من رجال أو نساء أو أطفال أو شيوخ، وتم إيقاف العشرات إلى الحوائط وإطلاق النار عليهم بلا رحمة.
وعلى مدى يومين متتاليين قامت القوات اليهودية بأعمال تعذيب سادية، وتم منع مبعوث الصليب الأحمر من دخول القرية لأكثر من يوم، وقام أفراد الهاجاناه الذين احتلوا القرية بتفجير الجثث لتضليل الهيئات الدولية والإيحاء بأن الضحايا لقو حتفهم في صدامات مسلحة!!
وأرسل مناحم بيجين برقية تهنئة إلى رعنان قائد الأرجون المحلي, قال فيها: تهنئتي لكم على هذا الانتصار العظيم.. قل لجنودك إنهم صنعوا التاريخ في إسرائيل، وفي كتابه (الثورة) كتب بيجين: إن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي، وأضاف: لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل.
كما قامت قوات الأرجون برئاسة بيجين بنسف فندق الملك داود- مقر قيادة القوات البريطانية- عام 1946، واشتركت مع منظمة شتيرن في اغتيال الكونت السويدي فولك برنادوت من العائلة السويدية المالكة ورئيس الصليب الأحمر السويدي الذي اختارته الأمم المتحدة ليكون وسيطًا للسلام بين العرب والإسرائيليين.
في عام 1949 وبعد قيام إسرائيل شكَّل بيجين حزب حيروت الذي ورث شعارات بيتار والأرجون وليحي، وفحواها أن الحد الأدنى لأرض إسرائيل هو ضفتا نهر الأردن, وأن القوة العسكرية هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الحد الأدنى؛ لأنها اللغة الوحيدة التي يفهمها العرب، وأصبح بيجين عضوًا في الكنيست الإسرائيلي.
وأتيح لبيجين دخول الوزارة الائتلافية برئاسة ليفي أشكول عشية اندلاع حرب 1967 كوزير بلا حقيبة "بدون وزارة", ثم انضم ثانيةً إلى حكومة جولدا مائير الائتلافية عام 1969 ليشغل منصب وزير الدولة، واستقال من الحكومة عام 1970 ورأَس حزب الليكود كائتلاف بين عدد من الأحزاب والحركات، وقاده حتى فاز برئاسة الوزراء في 20 /6/1977.
وحضر بيجين مباحثات مع الرئيس المصري أنور السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر في منتجع كامب ديفيد في سبتمبر 1978, ووُصفت المفاوضات بأنها شاقة ومتعبة وكادت تفشل أكثر من مرة، وأعلن الرؤساء الثلاثة اتفاقهم على وثيقتين أساسيتَين معلنتَين: الأولى "إطار عمل للسلام في الشرق الأوسط", والثانية "إطار عمل لعقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل"، ووقَّع على الوثيقتين كلٌّ من بيجين والسادات كطرفين وكارتر كشاهد وفي نفس العام حصل بيجين على جائزة نوبل للسلام مناصفةً مع أنور السادات.
وفي واشنطن في مارس من عام 1979 وقَّع بيجين مع السادات معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، وفي عام 1981 قامت حكومتُه بضرب المفاعل النووي العراقي, وأشاد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان بهذه العملية ووصفها بأنها اتسمت بالجسارة والمهارة!!
وفي عام 1982 قام باجتياح لبنان بحجة ضرب قواعد المقاومة الفلسطينية، ثم وقعت مذبحة صابرا وشاتيلا التي ارتكبتها الكتائب اللبنانية اليمينية، ووقف بيجين أمام الكنيست ليعلن في استهانة: جوييم قتلوا جوييم (غرباء قتلوا غرباء), فماذا نفعل؟! وثبتت مسئولية بيجين وأعضاء حكومته ووزير دفاعه أرئيل شارون عن هذه المذبحة.
قدم بيجين استقالته في سبتمبر من عام 1983 بعد أن توفيت زوجته وتدهورت حالته الصحية وأصيب بالإكتئاب وعاش بقية حياته منعزلاً في شقته حتى وفاته عام 1992.