- وُلد الجنرال (احتياط) عمرام متسناع في كيبوتس "دبرات"، عام 1945م، وتخرج من الكلية العسكرية في المدرسة العلمية في حيفا، ويحمل اللقب الأول في علوم الجغرافيا من جامعة حيفا.. التحق بالجيش الصهيوني عام 1963م، وأمضى غالبية فترة خدمته العسكرية في سلاح المدرعات.
شغل في الجيش عدة مناصب عسكرية: قائد كتيبة اللواء السابع، قائد دورة ضباط المدرعات، قائد شعبة الإمدادات العسكرية في سلاح المدرعات، قائد لواء "براك"، قائد لواء المدرعات في جيش الاحتياط، قائد كتيبة مدرعات في الجيش النظامي، قائد شعبة الأبحاث والتطوير في الجيش ورئيس شعبة العمليات في القيادة العامة للجيش الصهيوني، وفي عام 1986 عُين مساعدًا لرئيس شعبة الأمدادات العسكرية ورقي إلى رتبة جنرال.
- في عام 1987م، عين متسناع قائدًا للمنطقة الوسطى، وحارب الانتفاضة الفلسطينة الأولى طيلة عامين ونصف، ثم أرسله رئيس الحكومة في حينه، يتسحاق رابين إلى أمريكا للمشاركة في دورة عسكرية، وبعد عودته تسلم منصب رئيس شعبة التخطيط لمدة عامين، واستقال من الجيش في عام 1993م.
- شارك متسناع في أربعة حروب صهيونية، حرب يونيو 1967, كضابط عمليات، وحرب الاستنزاف كضابط كتيبة، وحرب أكتوبر 1973 كقائد لواء مدرعات، وحرب "سلامة الجليل" (العدوان الصهيوني على لبنان)؛ حيث شغل منصب قائد قيادة الجبهة السورية- اللبنانية، وأُصيب في الجيش مرتين، في حرب الأيام الستة وفي حرب يوم الغفران (أكتوبر 1973م).
- بعد استقالته من الجيش رشَّحه حزب العمل لرئاسة بلدية حيفا في عام 1993م؛ حيث هزم منافسه داخل الحزب، أرييه غورئيل بعد حصوله على 66% من الأصوات، وانتخب لرئاسة البلدية ثانية في عام 1998م، وما زال يشغل هذا المنصب حتى الآن.
- في مطلع شهر أغسطس 2002، قرر متسناع فحص فرص منافسته على رئاسة حزب العمل، بشكلٍ فاجأ قيادة الحزب، التي خرجت لتوها من مؤتمرها الذي تبيَّن فيه أن المنافسة على رئاسة الحزب تتجه نحو شخصين، الرئيس الحالي، بنيامين بن اليعزر وعضو الكنيست حاييم رامون. وفي أول استطلاع أُجري بعد ذلك، حصل متسناع على 49%، من الأصوات مقابل 26% لبن اليعزر و12% لرامون. وقد ساعده هذا الاستطلاع على اتخاذ قراره بخوض المنافسة، كما ساعده في قولبة قراره، انضمام شخصيات تعد من القياديين والشخصيات البارزة في الحزب إليه، كالوزير متان فلنائي، والنائب يوسي كاتس وعضو الكنيست ياعيل ديان ورئيس بلدية تل أبيب، رون حولدائي.
- وفي 13 أغسطس 2002، أعلن متسناع رسميًّا قراره المنافسة على رئاسة الحزب، في مؤتمر صحفي عقده في مقر حزب العمل في تل أبيب، وطرح فيه برنامجه السياسي والاجتماعي.
ومن أبرز النقاط التي طرحها متسناع في برنامجه:
* تأييده للتوصل إلى حلٍّ دائمٍ مع الفلسطينيين يشمل تفكيك مستوطنات صهيونية في المناطق المحتلة، وكل مستوطنات قطاع غزة.
* مفاوضة كل مَن ينتخبه الشعب الفلسطيني رئيسًا له، شريطة أن تكون وجهته السلام الحقيقي.
* قيام إسرائيل بالانسحاب من جانب واحد إذا لم تجد شريكًا في الجانب الفلسطيني.
كما أعلن متسناع أنه إذا تمَّ انتخابه لرئاسة الحزب في الانتخابات الداخلية فسيعمل على حل الشراكة في حكومة الوحدة القومية التي يرئسها شارون.
ولكن هزمه شارون في الانتخابات ليخرج متسناع بعيدًا عن الأضواء.
مواجهة قديمة مع شارون
- لم تكون تلك أول مواجهة بين شارون ومتسناع إذ سبق له أن دخل في مواجهة مع شارون في سبتمبر 1982م، خلال الحرب على لبنان؛ حيث كتب متسناع رسالة إلى رئيس هيئة الأركان العسكرية، أبلغه فيها عدم ثقته بوزير الأمن، في حينه، أرئيل شارون، فطالب شارون بفصل متسناع من الجيش وتجريده من مناصبه العسكرية.
وقد وقعت المواجهة بالذات بعد مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت؛ إذ وفي خضم النقاش الذي أجرته الكنيست حول المجزرة، على خلفية اقتراح قدمه حزب العمل، ألقى شارون خطابًا في الكنيست اتهم فيه الجيش الصهيوني بتنفيذ المجزرة التي وقعت قبل ذلك في مخيم اللاجئين الفلسطينيين، تل الزعتر في لبنان، فقام متسناع لتطهير اسم الجيش الصهيوني الذي اعتبره في لقاءٍ سابقٍ مع مجلة الجيش الصهيوني "بمحنيه" (في المعسكر) "جوهر كل شيء" في إسرائيل.
وقد قال شارون في ذلك الخطاب، في 22 من سبتمبر 82، موجهًا كلامه إلى حزب العمل: "كل فظاعة قمت بها أنا، سبقتموني أنتم إليها" وتوجه إلى شمعون بيرس متسائلاً: "في فترة توليك لوزارة الأمن وقعت حادثة أخرى لم أكن سأطرحها لولا ما وصلتم إليه من انحطاط، في فترة ولايتك وقعت حادثة في تل الزعتر، لن أفصل هنا ما حدث (يقصد المذبحة- عرب 48)، كيف لم يؤرقك ضميرك آنذاك، لقد ذبح الآلاف الناس، أين كان ضباط الجيش الصهيوني أثناء مذبحة تل الزعتر؟ لقد حدث ذلك مع سابق معرفة، فأين كانوا؟"
وسارع نواب العمل إلى استغلال الثغرة التي أحدثها شارون لتعميق الانطباع الذي ساد في حينه بأن شارون يحارب الجيش الصهيوني، وصرخ به النائب جاك أمير: "أنك تلطخ سمعة الجيش، أنه يتهم الجيش الصهيوني بالقتل في تل الزعتر، وعليه أن يشرح ذلك"، ورد شارون صارخًا، لم اتهم الجيش، وكرر صراخه، لكن ذلك لم ينفعه.
ويقول الصحفي الصهيوني ناحوم برنياع في تقرير موسع نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بتاريخ 21 من أغسطس 1989م، حول تلك الحادثة أن متسناع سمع تقريرًا أخباريًَّا حول ما حدث في الكنيست خلال سفره بسيارته، فتناول فورًا ورقة وخط رسالة إلى رئيس هيئة الأركان العامة، رفائيل ايتان، طلب فيها الخروج في إجازة مفتوحة إلى أن يُقال وزير الأمن من منصبه، وقد استغل إيتان تلك الرسالة واعتبرها فرصة لتنقية نفسه من المسئولية عن حرب لبنان وترك شارون يغوص وحيدا في الوحل.
وسارع رفائيل إيتان إلى ترتيب لقاء لمتسناع مع رئيس الحكومة، مناحيم بيغين، الذي قال له إنه فعل ما لا يمكن تقبله من ضابط مسئول في الجيش، لكنه أصغى له باهتمامٍ واسترضاه، ومن ثَمَّ مارس رفول الضغط على متسناع كي يكتب رسالة يعلن فيها ندمه على فعلته.
هزمته الانتفاضة:
عندما عينه رابين، عام 1987م، قائدًا للمنطقة الوسطى، لم يتوقع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، وكان متسناع يأمل استغلال وقت فراغه لمتابعة دراسته الجامعية، لكنه لم يجد ذلك الوقت لذلك؛ إذ سرعان ما اندلعت الانتفاضة التي كبدته الكثير من الجهد، وشكلت بالنسبة له درسًا طويلاً وقاسيًّا، حسب ما يقوله رفاقه في الجيش.
ويعتقد الكثير من المحللين الذين تابعوا فترة خدمته العسكرية خلال الانتفاضة الأولى، إنه كان عاملاً مركزيًّا في تليين مواقف اليسار في الردِّ على أحداث الانتفاضة، "فقد استصعب اليسار في فترته رفض الخدمة العسكرية في المناطق أو الدخول في مواجهات مع الجيش، كما أنه عمل على استرضاء اليمين في الوقت ذاته".
ويقول بعض المحللين إنه سعى خلال الانتفاضة إلى صد ردود فعل وحشية خطط لها الجيش لاسترضاء الرأي العام، وعمل على "تخفيف" الرد العسكري إلى أقصى حد، حسب رأيهم.. لكن متسناع إياه منع في حينه فتح المدارس الفلسطينية في الضفة، بادعاء "أن فتحها يرفع مستوى العنف الفلسطيني"، كما أنه خطط ونفذ خطوات عسكرية لا تقل عن نهج شارون اليوم، كفرض الحصار المطول على القرى ومنع المزارعين حتى من الوصول إلى أراضيهم لقطف المحاصيل.
لقد نفذ متسناع سياسة رابين بحذافيرها، دون إيهام نفسه بأنه يمكن للجيش هزم الانتفاضة الفلسطينية، التي عُرفت باسم انتفاضة الحجارة، وبالفعل لقد هزمت تلك الانتفاضة الجيش الصهيوني، رغم الفارق الكبير بين سلاحها وبين ما واجهته من معداتٍ عسكريةٍ ثقيلة، وقادت بالتالي إلى تغيير التوجه الصهيوني وهزم الخط السياسي الذي تبناه رابين طيلة سنوات والمعروف باللاءات الثلاث، التي وقف في مركزها رفض الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، فلقد اعترف رابين بالمنظمة بعد ست سنوات من الانتفاضة ووقع معها أول اتفاقية سلام صهيونية- فلسطينية.